نبذة عن علي الأكبر صلوات الله عليه
و رد في كتاب إبصار العين في أنصار الحسين صلوات الله عليه و في كتاب حياة علي الأكبر و مصادر أُخرى:ا
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ولد في أوائل خلافة عثمان بن عفان، وروى الحديث عن جده علي بن أبي طالب (ع) كما حققه ابن إدريس ( قدس سره ) في السرائر ، ونقله عن علماء التاريخ والنسب.
أو بعد جده ( صلوات الله عليه ) بسنتين كما ذكره الشيخ المفيد (قدس سره) في الإرشاد.
وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية . وكان يشبه بجده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المنطق والخلق والخلق . وروى أبو الفرج أن معاوية قال : من أحق الناس بهذا الأمر ؟ قالوا : أنت ، قال : لا ، أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي ( صلوات الله عليه ) ، جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفيه شجاعة بني هاشم ، وسخاء بني أمية ، وزهو ثقيف .
وفي علي الأكبر يقول الشاعر :
لم تر عين نظرت مثله من محتف يمشي ومن ناعل
يغلي نهئ اللحم حتى إذا أنضج لم يغل على الآكل
كان إذا شبت له ناره يوقدها بالشرف القائل
كيما يراها بائس مرمل أو فرد حي ليس بالآهل
لا يؤثر الدنيا على دينه ولا يبيع الحق بالباطل
أعني ابن ليلى ذا السدى والندى أعني ابن بنت الحسب الفاضل
ويكنى أبا الحسن ، ويلقب بالأكبر. وروى أبو مخنف عن عقبة بن سمعان قال : لما كان السحر من الليلة التي بات بها الحسين عن قصر بني مقاتل ، أمرنا الحسين بالاستقاء من الماء ، ثم أمرنا بالرحيل ففعلنا ، قال : فلما ارتحلنا عن قصر بني مقاتل ، خفق برأسه خفقة ، ثم انتبه وهو يقول : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين " ، ثم كررها مرتين أو ثلاثا ، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين ( صلوات الله عليه ) - وكان على فرس له - فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، يا أبت جعلت فداك ، مم استرجعت وحمدت الله " ؟ فقال الحسين ( صلوات الله عليه ) : " يا بني إني خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس على فرس فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا " ، فقال له : " يا أبت لا أراك الله سوءا ، ألسنا على الحق " ؟ قال : " بلى ، والذي إليه مرجع العباد "
قال : " يا أبت ، إذن لا نبالي نموت محقين " فقال له : " جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده " .
قال أبو الفرج وغيره : وكان أول من قتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين ( صلوات الله عليه ) علي بن الحسين ( صلوات الله عليهما ) ، فإنه لما نظر إلى وحدة أبيه تقدم إليه وهو على فرس له فاستأذنه للبراز - وكان من أصبح الناس وجها ، وأحسنهم خلقا - فأرخى عينيه بالدموع وأطرق ثم قال : " اللهم اشهد أنه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك ، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه ، ثم صاح : " يا بن سعد ، قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " ، فلما فهم علي الإذن من أبيه شد على القوم وهو يقول :
أنا علي بن الحسين بن علي نحن ورب البيت أولى بالنبي
تا لله لا يحكم فينا ابن الدعي أضرب بالسيف أحامي عن أبي
ضرب غلام هاشمي علوي
فقاتل قتالا شديدا ، ثم عاد إلى أبيه وهو يقول : يا أبت ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فبكى الحسين ( صلوات الله عليه ) وقال : " واغوثاه أنى لي الماء ، قاتل يا بني قليلا واصبر ، فما أسرع الملتقى بجدك محمد ( صلى الله عليه وآله ) فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمؤ بعدها أبدا " . فكر عليهم يفعل فعل أبيه وجده . فرماه مرة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه.
وقال أبو الفرج : قال حميد بن مسلم الأزدي : كنت واقفا وبجنبي مرة بن منقذ ، وعلي بن الحسين يشد على القوم يمنة ويسرة فيهزمهم ، فقال مرة علي آثام العرب إن مر بي هذا الغلام لأثكلن به أباه ، فقلت : لا تقل ، يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه . فقال : لأفعلن ، ومر بنا علي وهو يطرد كتيبة فطعنه برمحه فانقلب على قربوس فرسه فاعتنق فرسه فكر به على الأعداء فاحتووه بسيوفهم فقطعوه.
هذا ما قاله مرة بن منقذ أحد المرتزقة في معسكر يزيد: عليّ آثام العرب... ، وقد التاع وتعذب من شدة حملات علي الأكبر وصولاته حتى بلغ من البغض له والحنق عليه والحقد بحيث صمم على التصدي لهذا المجاهد العطشان، ولا شك أن هذا المرتزق قد ذاق أنواع العذاب من هروب وهزيمة وجبن من سيف علي الأكبر، ولكنه حينما لاحظ تعب عليّ وارهاقه تجرد من جبنه واستجمع جرأته وقال قولته تلك الذي تتضح روحه الجاهلية من كلماته ومنطقه والحق أن آثام العرب يستحقها وهي عليه وهو بمستواها، إذ أنه كاره ومعادٍ وقاتل لأشبه الناس بسيد العرب والعجم.
فصاح قبل أن يفارق الدنيا : السلام عليك يا أبتي ، هذا جدي المصطفى قد سقاني بكأسه الأوفى وهو ينتظرك الليلة ، فشد الحسين ( صلوات الله عليه ) حتى وقف عليه وهو مقطع فلم يتركوه إلا بعد أن مثلوا به سريعاً، إذ احتوشوه من كل جهة، وما أسرع ما وضعوا سيوفهم وحرابهم وسكاكينهم ليقطعوه تقطيعاً ويمزقوا جسمه تمزيقاً . ليشفوا غيظ صدورهم، ويرووا حقد قلوبهم مما أدخله عليهم من عذاب دنيوي هذا الشاب العطشان الشجاع الذي شكل جيشاً يقابلهم بمفرده، وعسكراً لوحده، وأُمة بذاته.
فقال الإمام الحسين (ع): " قتل الله قوما قتلوك يا بني ، فما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول " ، ثم استهلت عيناه بالدموع ، وقال : " على الدنيا بعدك العفا ".
ثم أنه قال وآثار الشجون قد تجلّت على سحنته الشريفة:
أما أنت يا ولدي، فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وسرت إلى روح وريحان وجنّة ورضوان، وبقي أبوك لهمها وغمها.....
وروى أبو مخنف ، وأبو الفرج عن حميد بن مسلم الأزدي أنه قال : وكأني أنظر إلى امرأة قد خرجت من الفسطاط وهي تنادي : يا حبيباه يا بن أخياه ، فسألت عنها ، فقالوا : هذه زينب بنت علي بن أبي طالب ( صلوات الله عليه ) ، فجاءت حتى انكبت عليه ، فجاء الحسين ( صلوات الله عليه ) إليها وأخذ بيدها إلى الفسطاط ، ورجع فقال لفتيانه : " احملوا أخاكم " فحملوه من مصرعه ، ثم جاءوا به فوضعه بين يدي فسطاطه.
تناهى إلى مسامع الفاطميات خير مصرع علي الأكبر ووصول جثمانه الموزع والمقطع بالحراب والأسنة، فكان للحادث وقعه العميق على النساء المخدّرات، وأي وقع أم أي عمق وهن ينظرن إلى شبيه جدهن رسول الله محمولاً وقد فارقت روحه الطاهرة جسده الزكي.. هذا الذي كن يجدن أسعد ما هن فيه ساعات اللقاء به والتحدث إليه، وإذا به قد آثر الصمت والرحيل إلى حيث لا عودة أو رجوع..
إنه لمصاب جليل على أُمه، اخواته، عماته، وأعظمهن مصاباً عمته الكبرى عقيلة بني هاشم زينب بنت علي بن أبي طالب، حفيدة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذ التاعت ألماً وازدادت أسىً وتفجعاً.
--
مصدر آخر
علي الأكبر ابن الإمام الحسين(صلوات الله عليهما)(1)
قرابته بالمعصوم
حفيد الإمام علي والسيّدة فاطمة الزهراء(صلوات الله عليهما)، وابن الإمام الحسين، وابن أخو الإمام الحسن، وأخو الإمام زين العابدين، وعم الإمام الباقر(عليهم السلام).
اسمه وكنيته ونسبه
أبو الحسن، علي الأكبر بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
أُمّه
ليلى بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود الثقفي.
ولادته
ولد في 11 شعبان 35ﻫ، أو 41ﻫ.
صفاته
كان(صلوات الله عليه) من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خُلُقاً، وكان يشبه جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المنطق والخَلق والخُلق.
قال الإمام الحسين(صلوات الله عليه) حينما برز علي الأكبر يوم الطف: «اللّهم اشهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبهُ الناس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك»(2).
قال الشاعر فيه:
«لم تَرَ عينٌ نظرتْ مِثلَه ** من مُحتفٍ يمشي ومن ناعلِ
يغلي نئي اللحم حتّى إذا ** أُنضجَ لم يغلُ على الآكلِ
كانَ إذا شبّت لهُ نارُهُ ** وقّدَها بالشرفِ الكاملِ
كَيْما يراها بائسٌ مُرملٌ ** أو فردُ حيٍّ ليسَ بالأهلِ
أعني ابنَ ليلى ذا السدَى والندى ** أعني ابنَ بنتِ الحسين الفاضلِ
لا يُؤثرُ الدنيا على دينِهِ ** ولا يبيعُ الحقَّ بالباطلِ»(3).
وقال الشيخ عبد الحسين العاملي(قدس سره):
«جمعَ الصفاتِ الغُرَّ فهي تُراثُهُ ** عن كلِّ غِطريف وشهمٍ أصيدِ
في بأسِ حمزةَ في شُجاعةِ حيدر ** بإبى الحسينِ وفي مهابةِ أحمدِ
وتراهُ في خَلق وطيبِ خلائق ** وبليغِ نُطق كالنبيِّ محمّدِ»(4).
شجاعته
لمّا ارتحل الإمام الحسين(صلوات الله عليه) من قصر بني مقاتل، «خفق الحسين برأسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمدُ لله ربِّ العالمين. قال ـ أي الراوي ـ: ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً.
قال: فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين على فرس له فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربِّ العالمين، يا أبت جعلت فداك، ممّ حمدتَ الله واسترجعت؟ قال: يا بُني، إنّي خفقتُ برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا، قال له: يا أبت، لا أراك الله سوءاً ألسنا على الحق؟ قال: بلى، والذي إليه مرجع العباد، قال: يا أبت، إذاً لا نُبالي نموت مُحقّين، فقال له: جزاكَ اللهُ من ولدٍ خير ما جزى ولداً عن والده»(5).
موقفه يوم العاشر
روي أنّه لم يبقَ مع الإمام الحسين(صلوات الله عليه) يوم عاشوراء إلاّ أهل بيته وخاصّته.
فتقدّم علي الأكبر(صلوات الله عليه)، وكان على فرس له يُدعى الجناح، فاستأذن أباه(صلوات الله عليه) في القتال فأذن له، ثمّ نظر إليه نظرة آيسٍ منه، وأرخى عينيه، فبكى ثمّ قال: «اللّهم أشهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبهُ الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك صلّى الله عليه وآله وسلم، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه»(6).
فشدّ علي الأكبر(صلوات الله عليه) عليهم وهو يقول:
«أنا علي بن الحسين بن علي ** نحن وبيت الله أولى بالنبي
من شبث ذاك ومن شمر الدني ** أضرِبُ بالسيفِ حتّى يلتوي
ضربَ غُلامٍ هاشميٍّ عَلوي ** ولا أزال اليوم أحمي عن أبي
والله لا يحكُمُ فينا ابنُ الدعي»(7).
ثمّ رجع إلى أبيه قائلاً: يا أباه العطش!!.
قال له الحسين(صلوات الله عليه): اصبرْ حبيبي، فإنّك لا تُمسي حتّى يسقيك رسولُ الله(صلى الله عليه وآله) بكأسه.
ففعل ذلك مراراً، فرآه منقذ العبدي وهو يشدُّ على الناس، فاعترضه وطعنه فصُرع، واحتواه القوم فقطّعوه بسيوفهم.
وقف الحسين(صلوات الله عليه) عليه، وهو يقول: قتلَ اللهُ قوماً قتلوك يا بُني، ما أجرأهُم على الرحمان، وعلى انتهاك حرمة الرسول، وانهملت عيناه بالدموع، ثمّ قال(صلوات الله عليه): على الدُّنيا بعدَك العفا.
ثمّ قال لفتيانه: احملُوا أخاكُم، فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه في الفسطاط(7).
شهادته
استُشهد(صلوات الله عليه) في 10 محرّم 61ﻫ بأرض كربلاء المقدّسة، ودفنه فيها الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه) ممّا يلي رجلي أبيه الحسين(صلوات الله عليه).
عمره
19 سنة على رواية الشيخ المفيد، و 25 سنة على رواية غيره، ويترجّح القول الثاني لما روي أنّ عمر الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه) يوم الطف كان 23 سنة، وعلي الأكبر أكبر سنّاً منه.
ـــــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: معجم رجال الحديث 12/387 رقم 8050، أعيان الشيعة 8/206.
2. اللهوف في قتلى الطفوف: 67.
3. مقاتل الطالبين: 53.
4. المجالس العاشورية: 304.
5. مقتل أبي مخنف: 92.
6. اللهوف في قتلى الطفوف: 67.
7. اُنظر: مقاتل الطالبيين: 76.
--النفس الزكية--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق