الأحد، 19 أبريل 2020

أبو علي الجاسوس

كي لا ننسى 

                       

ابو علي رجل يبلغ الستون من العمر تقريبا يسكن النجف الأشرف وعنده محل لبيع الحلويات ، عُرف عنه الكرم والاخلاق والتدين وخدمة مواكب الامام الحسين ،ع، .
 اعتقل هو وعائلته في  عام ١٩٨٠ بتهمة أنه جاسوس و أن له علاقة مع الشهيد محمد باقر الصدر .
تم تعذيبه عذابا شديدا بتهمة جاسوس لحمله  على الاعتراف بفعله ، ووضعت عائلته في سجن اخر ، ولشدة التعذيب تدهورت حالته النفسية تدريجيا ، فتم سحب ابنه علي من سجن العائلة بعد مضي سبعة أيام فيه لينقل في سجن  أبيه ،وان رجال الأمن قالوا له أن ابوك يحتاج رعاية فانت معه لترعاه .
اعتقد علي  أن الله قد هدى رجال الأمن للصلاح  واصبحوا طيبين ورقيقين فجاءوا به ليخدم أباه ، وما ان دخل السجن مع أبيه حتى وجد ابوه قد ذهب عقله بالكامل ولا يعرف ابنه فأرتعب من والده لأنه يؤذي ويضرب  مع أنه كان يخدمه .
ولم تمضي ايام حتى يتم تهجير الاب والابن الى ايران لأنه كردي فيلي ومن التبعية الإيرانية .
دخل ابو علي ايران ولا يعرف الا كلمة جاسوس ويرددها باستمرار ، فأطلق عليه اسم ابو علي الجاسوس .
فصطف مع مجموعة المجانين في المخيم وتحول ابو علي من الرجل الطيب الهاديء المتدين الي مجنون مؤذي ، يرمي عليه الاطفال الحجارة لأنه مجنون ويصيحون خلفه جاسوس ، وهو يرد عليهم برمي الحجارة .
وكان يتألم من كلمة جاسوس رغم جنونه ويتألم من سماعها ويبكي عندما ينادونه بها  ، وكان ابو علي محبا للنظافة وتجده دائما يمسك المكنسة وينظف قطاعات المخيم ليلا ونهارا ، وعندما يتعب يجلس يصلي كيفما شاء وبدون تحديد القبلة فكل مرة يصلي باتجاه ، ويهوى جمع الحصى ويستخدمها للرد على من يؤذيه .
واما ابنه فقد لازم المخيم ويسأل عن أهله الباقون في سجن النظام ويتابع اخبارهم مع كل قادم جديد من المسفرين ليعرف ماذا حل بهم .
لم يستطع البقاء على هذا الحال فالتحق في صفوف المعارضة العراقية ، ليُكلف بواجب داخل العراق  عام ١٩٨١ ، ومن حينها ضاع خبره وقيل امسكت به الاجهزه الأمنية البعثية  واختفى وانقطعت اخباره مثل اخبار عائلته .
استمر ابو علي يتجول في المخيم ، والأطفال ترميه بالحجارة وتناديه جاسوس  وهو يرد عليهم .
تم نقله مع مجموعة المجانين إلى مخيم مدينة ملاوي للمهجرين العراقين  ، ليمرض هناك ويموت ويدفن فيها عام ١٩٨٣ وليس له أحد يسأل عنه وعن ابنه الذي اختفى .
هكذا كانت حكومة حزب البعث المجرمة تعامل مواطنيها وتتهم كل من يحمل جذور قومية كردية بتهم باطلة للتنكيل بهم وثم تهجيرهم .
لعنهم الله في الدنيا قبل الآخرة ورحم الشهداء والموتى الغرباء ومنهم ابو علي .

المكتب الاعلامي للكورد الفيليين في محافظة واسط / الكوت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق