كم انت عظيم ياعراق
اخر الرجال
في رحاب الوعي
عام ١٩٥٤ ذهب الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الدستوري إلى نيويورك وحاول الدخول إلى مبنى الأمم المتحدة عسى أن يفلح في عرض قضية تونس أمام المجتمع الدولي إلا أن حرس المنظمة الدولية منعوه كونه لا يحمل صفة رسمية تخوله حضور اجتماعات الأمم المتحدة وحاول بورقيبة جاهداً إقناع الحراس السماح له بالدخول دون جدوى وشاءت الصدفه ان تتزامن محاولة بورقيبة دخول مبنى الامم المتحدة مع وصول الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية الدكتور فاضل الجمالي الذي تساءل ما يحدث فأخبروه أن رئيس الحزب الدستوري التونسي الحبيب بو رقيبة يحاول الدخول إلى قاعة اجتماعات الأمم المتحدة إلا أنه مُنع كونه لا يحمل صفة رسمية
فورا استدعى الدكتور فاضل الجمالي الحبيب بورقيبة وقال له أنت ستدخل إلى مبنى الأمم المتحدة بصفتك عضوا في الوفد العراقي والتفت الجمالي إلى أحد اعضاء الوفد ورفع شارة كتب عليها وفد العراق ووضعها على صدر الحبيب بورقيبة وقال له أنت الآن أحد أعضاء الوفد العراقي ولن يستطيع أحد أن يمنعك من الدخول إلى مبنى الأمم المتحدة فدخل بورقيبة مع الوفد العراقي وتحدث الجمالي أمام الأمم المتحدة بصفته رئيس الوفد العراقي وبعد فترة قليلة قال:
سأحيل الميكرفون إلى أخي الحبيب بورقيبة للتحدث باسم دولة تونس الحرة وهنا ساد الصمت في القاعة وغادر الوفد الفرنسي قاعة الاجتماعات احتجاجا
استلم بو رقيبة الميكرفون وألقى خطاباً حماسياً بطولياً نال استحسان الحاضرين وإعجابهم ووقف الجميع يصفق ويحيي هذا البطل القومي وبعد انتهاء خطابه توجه بورقيبة إلى الدكتور فاضل الجمالي وقال له
لا أنا ولا بلدي تونس سننسى لك صنيعك هذا
بعد سنتين من هذه الحادثة أي في العام ١٩٥٦ حصلت تونس على استقلالها من الاستعمار الفرنسي بفضل كفاح شعبها بالدرجة الاولى ومن ذلك المبادرة الجريئة والشجاعة من الدكتور محمد فاضل الجمالي
بعد اجتياح قصر الرحاب الأمن المسالم ومصرع الأسرة الملكية في العراق عام ١٩٥٨ كان فاضل الجمالي اول رموز النظام الملكي يصدر بحقه عقوبة الاعدام
فتدخل الرئيس بورقيبة على الفور مناشدا الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم العفو عن الدكتور فاضل الجمالي والسماح له بمغادرة العراق الي تونس وتبع ذلك مناشدات اقليمية دولية اخرى جميعها ترجو الافراج عن الجمالي فاستجاب الرئيس قاسم وسمح بمغادرة فاضل الجمالي بغداد الي تونس فرحب به الرئيس بورقيبة وفاءا لموقفه أعلاه
عند وصول فاضل الجمالي تونس استقبله بورقيبة مرحبا وعرض عليه ان تمنحه الدولة التونسية راتبا فابى الاخير الا ان يكسب عيشه بمجهوده الذاتي فعمل أستاذا في إحدى الجامعات التونسية
أطلق بورقيبة اسم فاضل الجمالي على أحد شوارع العاصمة التونسية وعمل هناك بكل احترام وتقدير حتى توفي فيها
في عام ١٩٩٥ وبمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الأمم المتحدة ارسلت دعوة لفاضل الجمالي لحضور الاحتفال بصفته واحد من خمسة أشخاص فقط في العالم كتبوا دستور الأمم المتحدة و الموقعين على تأسيس الأمم المتحدة
رد الجمالي على الدعوة برسالة جاء فيها
ان الامم المتحدة تحاصر بلدي وتقتل الاطفال والعجزة وتصنع الموت لن أحضر احتفاله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق