الاثنين، 13 أبريل 2020

الشهيد الدكتور ابراهيم نوري

كي لا ننسى        
   
                        الشهيد
              الدكتور إبراهيم نوري 

الدكتور إبراهيم  كردي فيلي من عائلة ملتزمه دينيا وميسورة الحال تسكن بغداد ، طلب منه النظام البعثي أن يكون الطبيب المشرف على سجناء ابو غريب في غفلة من انتمائه القومي ، وكان في السجن الآلاف من شباب الكرد الفيلية الذين حجزهم النظام بعد تهجير اهلهم الى ايران أو أقاربهم .
كان متعاطفا جدا مع السجناء يعالجهم بروحه قبل عقله ، وكان يتوقع يوما أن يكون معهم في السجن لنفس السبب .
دارت الايام واذا بالدكتور ابراهيم يدخل لنفس السجن وبنفس الأسباب وكما كان يتوقع وتم تهجير ابوه وامه الى ايران واعتقال اثنين من اخوته المهندسين ولا يعلم في اي سجن قابعون ، لان كل منهم اعتقل من مكان عمله ، وكان لهم اخت  متدينه في السنوات الأخيرة من كلية الطب قد اعتقلت بتهمة الانتماء لحزب الدعوة الإسلامية واختفى أثرها .
كان الدكتور رغم ما حل به وعائلته يُصبر السجناء عندما يدور الحديث عن أهلهم ومصيرهم وآلام السجن ويقول الحمد لله بعضكم يعرف مصير أهله  ولكن هناك أشخاص لا يعرفون عنهم شيء ويقصد نفسه من دون  أن يعلمهم بذلك ، إلى أن قص عليهم شخص آخر يعرف عائلته ومأساتهم .
فتعاطف معه السجناء اكثر وخاصة عندما كان يتحدث عن أخته ويقول ماذا نفعل واختي شابه جميلة بأيدي البعثين وانتم تعلمون ماذا يمكن ان يفعلون بها ، كانت كلماته بلسم للتخفيف عن مصائبهم .
وعند زيارة إحدى النساء لبعض المحجوزين من اخوتها ، سألتهم عمن يعرف الدكتور إبراهيم ، فقالوا لها أنه موجود معنا ، وأسَرتهم أن لها  جارة تعمل في أحد السجون طلبت منها السؤال عن هذا الشخص بشكل سري بعد أن اطمئنت لها حتى لا يتسرب الخبر ويكون مصيرها الاعدام ، وقالت لها أن عندها سجينة متدينه مؤدبة لا تعرف شيأ عن اهلها وقد تعاطفتُ معها فكلفتني ان أسأل عن اخوتها في السجون  .
عندما وصل الخبر للسجينة أن ابراهيم في السجن طارت فرحا لكنها تماسكت حتى لا يظهر على ملامحها شيء من الارتياح وينكشف الأمر للجلادين  ، والفرحة كبيرة  لانها حصلت على معلومة عن العائلة وان كانت مؤلمة ، لكنه الامل والنافذة لها في الحياة .

فعملت الاخت لوحة قماش طرزتها بيدها وكتبت عليها كتابات باللغة الانكليزية ليقرأها الدكتور لان السجانين البعثين الاوباش لا يفهمون ما كتب ، فَهِم الدكتور ما كتبت وعادت له الحياة هو ان أخته لم تُعدم وهي على قيد الحياة ، اخبار مؤلمة جدا ولكنها سارة بالنسبة له .
قامت المرأة بشراء ملابس لها بتوصية اخوتها السجناء ، وارسلتها بيد السجانة لانه لم تعد لديها ملابس ترتديها بعد التعذيب وطول فترة السجن ، وكانت هدية رائعة لتستر نفسها .

وجاء الحدث الثاني المفرح للدكتور هو نقل أخيه المهندس صباح من سجن الفضيلية ليستقر معه في سجن ابو غريب  ، فوجد انيس معه من عائلته ليشعر ولو بشيء من حنان العائلة المفقود .
وبقي خبر اخيه الآخر ومصير والديه الذين هُجروا مجهولا ، لا يعرف عنهم شيء وكيف هو حالهم في الغربة يترقبون التحاق أبناءهم المغيبين بهم في المهجر .
ومضت السنون وفي كل يوم يتذكر الآباء ضحكات أبناءهم  ولعبهم عندما كانوا صغار واجتماعهم وجلساتهم وهم كبار وقد وحصلوا على الشهادات العلمية العالية ، وما هو مصير بنتهم عند ازلام البعث بعد اعتقالها والابناء المحجوزين  في السجون  .
كانت فرحة الدكتور إبراهيم منقوصة لان القسم الآخر من العائلة لا يعرف عنهم شيء ، 
فقد كان يمني النفس بخروجه من السجن ليلتقي مع عائلته وتجتمع من جديد .

وبعد سنوات عديدة في السجن وهو يعيش على الاحلام  ، اختفى الدكتور إبراهيم وإخوته ولم يعلم احد ماذا حل بهم وقيل تم نقلهم إلى مكان مجهول ليجري عليهم تجاربه على مفعول أسلحته الكيمياوية ، وبعدها ضاعت اخبارهم ولم يجدوا حتى اثر لرفاتهم مع الآف من الشباب الفيلي المظلوم  
لم تكتمل القصة بعد ، لان ما سردناه عن السجناء فقط ممن كان معهم في السجن  وكتب الله له الحياة ، ونترك باقي القصة عن الآباء والبنت السجينة لمن يعرف العائلة المفجوعة .
سلام على الشهداء الذين غيبهم النظام البعثي ولم تحصل عوائلهم على إثر منهم لزيارتهم وأحياء ذكراهم .
اللعنة على المجرمين البعثين الذين لم يتركوا جريمة الا وقد ارتكبوها.
جاسم الخيبري/10 / 5/ 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق