١- نبذة عن الإمام علي زين العابدين صلوات الله عليه
الاسم: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم .
الأب: الحسين بن علي بن أبي طالب إبن فاطمة الزهراء بنت محمد عليهم السلام.قال عبدالله بن الحسين: إن الإمامة في ولد الحسن والحسين لأنهما سيدا شباب أهل الجنة وهما في الفضل سواء إلا أن للحسن على الحسين فضلاً بالكبر والتقديم فكان الواجب أن تكون الإمامة إذاً في ولد الأفضل فقال الربيع بن عبدالله: إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين وكان موسى أكبر من هارون وأفضل فجعل الله النبوة في ولد هارون دون ولد موسى وكذلك جعل الله عز وجل الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن لتجري في هذه سنن من قبلها من الأمم حذو النعل بالنعل.
الأم: شاه زنان - أي ملكه النساء - بنت كسرى يزدجر بن شهريار- ملك الفرس - قال الزهري ما رأيت هاشمياً أفضل منه وأمه من خيرات النساء ويقال لها سيدة النساء، وسماها أمير المؤمنين صلوات الله عليه شهربانويه، أو سماها أمير المؤمنين صلوات الله عليه (مريم) وقيل (فاطمة) وكانت تدعى (سيدة النساء)، وقيل أنها لما ولدت علي بن الحسين صلوات الله عليه ماتت في النفاس، وقيل أنها بقيت إلى أن حضرت وقعة الطف وأتلفت نفسها في الفرات.
الكنية: أبو محمد، والخاص: أبو الحسن، ويقال: أبو القاسم.
الألقاب: زين العابدين وسيد الساجدين وزين الصالحين ووارث علم النبيين ووصي الوصيين وخازن وصايا المرسلين وإمام المتقين ومنار القانتين والخاشعين والمتهجد الزكي الأمين والزاهد والعابد والعدل والبكاء والسجاد وذوالثفنات إمام الأمة وأبو الأئمة.
ولادته: ولد علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه في يوم الخميس منتصف جمادى الآخر أو جمادى الثاني والأصح في الخامس من شعبان سنة ثمان وثلاثين أو ست وثلاثين. ويقال له ابن الخيرتين.
إمامته: عاش بعد أبيه الحسين صلوات الله عليه أربعاً وثلاثين سنة، وهي مدة إمامته صلوات الله عليه. فكان في سني إمامته بقية ملك يزيد وملك معاوية بن يزيد وملك مروان وعبد الملك، وتوفي في ملك الوليد بن عبدالملك لعنه الله. شهد مأساة كربلاء، واكب مسير العائلة بعد الفاجعة إلى الكوفة، ومنها إلى الشام. كانت إقامته صلوات الله عليه في المدينة المنورة، وكان فيها الفزع للمهمات، يفيض على الأمة علماً وسخاءاً.
أصحابه: ومن أصحابه أبوحمزة الثمالي وفرات بن أحنف وجابر بن محمد بن أبي بكر وأيوب بن الحسن وعلي بن رافع وأبومحمد القرشي السدي والضحاك بن مزاحم الخراساني وطاووس بن كيسان وحميد بن موسى الكوفي وإبان بن تغلب بن رياح وأبو الفضل سدير بن حكيم الصيرفي وقيس بن رمانه وعبدالله البرقي.
زوجته: أما زوجته فهي أم عبد الله فاطمة بنت الإمام الحسن السبط بن علي رضوان الله عليها وله منها محمد الباقر عليه السلام وعبدالله الباهر. وله أخرى.
أولاده: له من الأولاد محمد أبو جعفر الباقر (صلوات الله عليه)، عبد الله، الحسن، الحسين، زيد، عمر، الحسين الأصغر، عبد الرحمن، سليمان، علي محمد الأصغر.
بناته: خديجة، أم كلثوم، فاطمة، علية.
إخوته: علي الأكبر، عبد الله الضيع - الشهيدان في كربلاء - جعفر.
إخواته: سكينة ، فاطمة، رقية.
بوابه: أبو جلبة، أبو خالد الكابلي، يحيى المطعمي.
نقش خاتمه: وما توفيقي إلا بالله.
شاعره: الفرزدق، كثير عزة.
ملوك عصره: يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
حِكَمُهُ : قال صلوات الله عليه: التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنابذ لكتاب الله وراء ظهره، إلا أن يتقي تقاة، قيل له: وما تقاة ؟ قال: يخاف جباراً عنيداً أن يفرط عليه أو أن يطغى.
وقال صلوات الله عليه: أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.
وقال صلوات الله عليه: إياك والغيبة ، فإنها آدام كلاب النار.
وقال صلوات الله عليه: إنما التوبة العمل والرجوع عن الأمر، وليست التوبة بالكلام.
آثاره: الصحيفة السجادية، رسالة الحقوق.
إحسانه وكرمه: قال الإمام الباقر صلوات الله عليه: وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والاضراء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان منهم له عيال حمل له إلى عياله من طعامه حتى يبدأ فيتصدق بمثله.
قال أبو حمزة الثمالي: كان زين العابدين صلوات الله عليه يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول: أن صدقة السر تطفئ غضب الرب.
لما مات صلوات الله عليه وغسلوه جعلوا ينظر إلى آثار في ظهره فقالوا: ما هذا ؟ قيل: كان يحمل جراب الدقيق على ظهره ليلاً ويوصلها إلى فقراء المدينة سرا.
وصاياه: قال الإمام الباقر صلوات الله عليه: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول لولده:إتقوا الكذب، الصغير منه والكبير، في كل جد وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترئ على الكبير، أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله عز وجل صادقاً، ولا يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كاذباً.
مقتطفات من سيرته: عن أبي حمزة الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين صلوات الله عليهما يصلي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه فقال: فلم يسوه حتى فرغ من صلاته قال: فسألته عن ذلك فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت إن العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه، وكان علي بن الحسين صلوات الله عليهما ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتى يأتي باباً باباً فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه، فلما مات علي بن الحسين صلوات الله عليهما فقدوا ذلك فعلموا أن علي بن الحسين صلوات الله عليهما الذي كان يفعل ذلك.
قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليه) إن أبي علي بن الحسين (صلوات الله عليه) ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عز وجل فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السّجّاد لذلك.
عن محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليه) قال كان لأبي (صلوات الله عليه) في موضع سجوده آثار ناتية وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك. وعن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت مولاة لعلي بن الحسين (صلوات الله عليه) بعد موته فقلت صفي لي أمور علي بن الحسين (صلوات الله عليه) فقالت: أطنب أو اختصر؟ فقلت: بل اختصري قالت: ما أتيته بطعام نهاراً قط ولا فرشت له فراشاً بليل قط.
بكى صلوات الله عليه على أبيه الحسين (صلوات الله عليه) عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني ما أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة.
روى ابن قولويه بإسناده عن أبي عبد الله (ع) قال: بكى علي بن الحسين على أبيه حسين بن علي (صلوات الله عليهما) عشرين سنة أو أربعين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى على الحسين حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين ، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة ة لذلك.
--
مصدر آخر
ولادة الإمام علي زين العابدين(صلوات الله عليه)
اسمه ونسبه(صلوات الله عليه)
الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
كنيته(صلوات الله عليه)
أبو محمّد، أبو الحسن، أبو الحسين، أبو القاسم... .
ألقابه(صلوات الله عليه)
زين العابدين، سيّد العابدين، السجّاد، ذو الثفنات، إمام المؤمنين، الزاهد، الأمين، المُتَهَجِّد، الزكي... وأشهرها زين العابدين.
تاريخ ولادته(صلوات الله عليه) ومكانها
5 شعبان 38ﻫ، المدينة المنوّرة.
أُمّه(صلوات الله عليه) وزوجته
أُمّه السيّدة شاه زنان بنت يَزدَجُرد بن شهريار بن كسرى، ويقال: إن اسمها شهربانو، وزوجته السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى(صلوات الله عليه).
مدّة عمره(صلوات الله عليه) وإمامته
عمره 57 سنة، وإمامته 35 سنة.
حكّام عصره(صلوات الله عليه) في سني إمامته
يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
أخلاقه وفضائله(صلوات الله عليه)
كان الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه) قمّة في الفضائل والأخلاق، وتميّز بها عن بقيّة أهل زمانه، نذكر من أخلاقه ما يلي:
1ـ العلم:
كان(صلوات الله عليه) أعلم أهل زمانه، فقد روى عنه(صلوات الله عليه) الكثير من الفقهاء والعلماء والرواة في مختلف العلوم والمعارف، كما حفظ عنه(صلوات الله عليه) تراث ضخم من الأدعية ـ كالصحيفة السجّادية ـ والمواعظ وفضائل القرآن، والأحكام الإسلامية من الحلال والحرام.
2ـ الحلم:
عُرف(صلوات الله عليه) بحلمه وعفوه وصفحه وتجاوزه عن المسيء، فمن القصص التي تنقل عنه(صلوات الله عليه) في هذا المجال: إنّه كانت جارية للإمام(صلوات الله عليه) تسكب الماء له، فسقط من يدها الإبريق على وجهه(صلوات الله عليه) فشجّه، فرفع رأسه إليها، فقالت له: إنّ الله يقول: )وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ (، فأجابها(صلوات الله عليه): «قد كظمت غيظي»، قالت: )وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ (، فقال(صلوات الله عليه): «عفا الله عنك»، ثمّ قالت: )وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِين(، فقال: «اذهبي أنت حرّة لوجه الله»(1).
3ـ الشجاعة:
قد اتّضحت واستبانت شجاعته(صلوات الله عليه) الكامنة في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد، عندما أمر الأخير بقتله، فقال الإمام(صلوات الله عليه) له: «أبالقتل تهدّدني يا بن زياد، أما علمت أنّ القتل لنا عادة، وكرامتنا الشهادة»(2).
وقال للطاغية يزيد في الشام: «يابن معاوية وهند وصخر، لقد كان جدّي علي بن أبي طالب في يوم بدر والخندق في يده راية رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار»(3).
4ـ التصدّق:
كان(صلوات الله عليه) كثير التصدّق على فقراء المدينة ومساكينها وخصوصاً بالسرّ، وقد روي أنّه كان لا يأكل الطعام حتّى يبدأ فيتصدّق بمثله.
وروي أنّه(صلوات الله عليه) كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدّق به، ويقول: «إنّ صدقة السرّ تُطفئ غضب الربّ»(4).
ولمّا استشهد(صلوات الله عليه) تبيّن أنّه كان يعيل مائة عائلة من عوائل المدينة المنوّرة، ولقد كان أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات علي بن الحسين(صلوات الله عليهما).
5ـ العتق:
كان(صلوات الله عليه) دائم العتق للعبيد في سبيل الله، فقد روي عنه(صلوات الله عليه) أنّه كان بين الآونة والأُخرى يجمع عبيده ويطلقهم، ويقول لهم: «عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي»؟ فيقولون له: قد عفونا عنك يا سيّدي وما أسأت.
فيقول(صلوات الله عليه) لهم: «قولوا: اللّهمّ اعفُ عن علي بن الحسين كما عفا عنّا، فأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرقّ»، فيقولون ذلك، فيقول: «اللّهمّ آمين ربّ العالمين»(5).
6ـ الفصاحة والبلاغة:
تجلّت فصاحته(صلوات الله عليه) وبلاغته في الخطب العصماء التي خطبها في الكوفة في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد، وفي الشام في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية، ثمّ في المدينة المنوّرة بعد عودته من الشام.
هذا ناهيك عن الصحيفة السجّادية الكاملة، وما جاء فيها من عبارات الدعاء الرائعة والمضامين العميقة، وبلاغة اللفظ وفصاحته وعمقه، والحوارات الجميلة والعبارات اللطيفة الجزيلة التي يعجز البلغاء والشعراء عن إيراد مثلها. وقد عُرفت الصحيفة بـ «إنجيل آل محمّد».
7ـ المهابة:
للإمام(صلوات الله عليه) مهابة خاصّة في قلوب الناس، روي أنّ الخليفة الأُموي هشام بن عبد الملك جاء إلى مكّة لأداء الحجّ ـ قبل استخلافه ـ، فأراد استلام الحجر الأسود فلم يقدر، فنصب له منبر فجلس عليه وطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه) وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة، بين عينيه ثفنة السجود، فجعل يطوف، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له.
فقال شامي: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعرفه؛ لئلاّ يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكنّي أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فأنشأ قصيدته المشهورة:
يا سائلي أين حلّ الجود والكرم ** عندي بيان إذا طلا به قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ** والبيت يعرفه والحلّ والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلّهم ** هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
هذا الذي أحمد المختار والده ** صلّى عليه إلهي ما جرى القلم
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه ** لخرّ يلثمّ منه ما وطئ القدم
هذا علي رسول الله والده ** أمست بنور هداه تهتدي الأُمم
هذا ابن سيّدة النسوان فاطمة ** وابن الوصي الذي في سيفه نقم
إذا رأته قريش قال قائلها ** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته ** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
وليس قولك مَن هذا بضائره ** العرب تعرف من أنكرت والعجم
يُنمي إلى ذروة العزّ التي قصرت ** عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يُغضي حياءً ويُغضَى من مهابته ** فما يكلّم إلّا حين يبتسم
ينجاب نور الدجى عن نور غرّته ** كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
بكفّه خيزران ريحه عَبِقٌ ** من كفّ أروعَ في عِرنينه شَمَم
ما قال لا قطّ إلّا في تشهّده ** لولا التشهّد كانت لاؤُهُ نعم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ** بجدّه أنبياء الله قد خُتموا(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: الإرشاد 2/146.
2ـ بحار الأنوار 45/118.
3ـ أعيان الشيعة 1/617.
4ـ مناقب آل أبي طالب 3/292.
5ـ الصحيفة السجادية، دعاؤه في آخر ليلة من شهر رمضان.
6ـ روضة الواعظين: 200.
بقلم : محمد أمين نجف
--
٢- السيدة شهر بانو بنت يزدجر(رضوان الله عليها)(1)
قرابتها بالمعصوم
زوجة الإمام الحسين، وأُمّ الإمام زين العابدين، وجدّة الإمام الباقر(عليهم السلام).
اسمها ونسبها
شهر بانو بنت يزدجر بن شهريار بن كسرى ملك الفرس، ولقبها شاه زنان؛ ومعناه بالعربية ملكة النساء، وكان يقال للإمام زين العابدين(صلوات الله عليه) ابن الخيرتين؛ فخيرة الله من العرب هاشم، ومن العجم كسرى.
زواجها
«لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطّاب بيع النساء، وأن يجعل الرجال عبيداً للعرب... فقال أمير المؤمنين(صلوات الله عليه): إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: أكرموا كريم كلّ قوم... .
فقال له أمير المؤمنين(صلوات الله عليه): ... هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم، ورغبوا في الإسلام والسلام، ولابدّ من أن يكون لي منهم ذرّية، وأنا أُشهد الله وأُشهدكم أنّي قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله.
فقال المهاجرون والأنصار: قد وهبنا حقّنا لك يا أخا رسول الله.
فقال: اللّهم اشهد أنّهم قد وهبوا حقّهم وقبلته، واشهد لي بأنّي قد أعتقتهم لوجهك.
فقال عمر:... قد وهبت لله ولك ـ يا أبا الحسن ـ ما يخصّني وسائر ما لم يوهب لك.
فقال أمير المؤمنين(صلوات الله عليه): اللّهم اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إيّاهم.
فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين(صلوات الله عليه): هؤلاء لا يُكرَهن على ذلك ولكن يُخيّرن، ما اخترنه عُمِل به.
فأشار جماعة الناس إلى شهر بانو بنت كسرى فخُيّرت وخوطبت من وراء الحجاب، والجمع حضور، فقيل لها: مَن تختارين من خطّابك؟ وهل أنت ممّن تريدين بعلاً؟ فسكتت.
فقال أمير المؤمنين(صلوات الله عليه): قد أرادت وبقي الاختيار... وإن شهر بانويه أريت الخطاب وأومأت بيدها، وأشارت إلى الحسين بن علي، فأُعيد القول عليها في التخيير، فأشارت بيدها وقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيّرة. وجعلت أمير المؤمنين(صلوات الله عليه) وليّها، وتكلّم حذيفة بالخطبة»(2).
خطبتها في عالم الرؤيا
روت(رضوان الله عليها) قصّتها لأمير المؤمنين(صلوات الله عليه) فقالت: «رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين علينا، كأنّ محمّداً رسول الله(صلى الله عليه وآله) دخل دارنا، وقعد ومعه الحسين(صلوات الله عليه)، وخطبني له وزوّجني أبي منه، فلمّا أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي، وما كان لي خاطب غير هذا.
فلمّا كانت الليلة الثانية، رأيت فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وعليها، وقد أتتني وعرضت عليّ الإسلام وأسلمت. ثمّ قالت: إنّ الغلبة تكون للمسلمين، وأنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين(صلوات الله عليه) سالمة، لا يصيبك بسوء أحد. قالت: وكان من الحال أن أُخرجت إلى المدينة»(3).
سؤال الإمام علي(صلوات الله عليه) منها
سألها الإمام علي(صلوات الله عليه) حين أُسرت: «ما حفظت عن أبيك بعد وقعة الفيل؟ قالت: حفظنا عنه أنّه كان يقول: إذا غلب الله على أمر ذلّت المطامع دونه، وإذا انقضت المدّة كان الحتف في الحيلة.
فقال(صلوات الله عليه): ما أحسن ما قال أبوك! تذلّ الأُمور للمقادير حتّى يكون الحتف في التدبير»(4).
وفاتها
تُوفّيت(رضوان الله عليها) في 5 شعبان 38ﻫ في نفاس ولدها الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه)، ودُفنت بالمدينة المنوّرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: قاموس الرجال 12/286، أعيان الشيعة 7/353.
2. دلائل الإمامة: 194.
3. الخرائج والجرائح 2/751 ح67.
4. الإرشاد 1/302.
بقلم : محمد أمين نجف
--النفس الزكية--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق