كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا
* غادر المشيعون بعد أن حثوا التراب علي وواروني ، فأخذ مني الندم كل مآخذ وبكيت من القبر وضيقه وضغطه وقلت :
يا ليتني كنت من الراجعين لأعمل عملآ صالحآ ، فجاءني النداء من جانب القبر :
( كلا كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )
وعندها وسع قبري ، وجاءني شخص جميل المنظر ، حسن الخلقة ، فقلت له من انت ؟
فقال : انا منبه ، ملك وكلني الله عز وجل بجميع الخلق لأنبهم بعد مماتهم ليكتبوا اعمالهم على أنفسهم بين يدي الله سبحانه
- ثم جذبني وأجلسني وقال لي :
اكتب عملك ؟
فقلت له : إني لا أحصيه
فقال لي : اما سمعت قول الله تعالى :
( أحصاه الله ونسوه ) ثم قال لي :
أكتب وأنا أملي عليك ، ثم املى ما فعلته في دار الدنيا ، فلم يبق من أعمالي صغيرة ولا كبيرة ، ثم تلي علي
( لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاضرآ ولا يظلم ربك أحدا )
ثم أخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوقه في عنقي ، فخيل لي إن جبال الدنيا جميعاً قد طوقها في عنقي
فقلت له : يا منبه لم تفعل بي هكذا ؟
فقال : ألم تسمع قول الله عز وجل
( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابآ يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )
رحلة إلى العالم الآخر - السيد مكي الحسني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق