خطأٌ مشهور وشائع جداً : عدم التفريق بين السنة العربية الجاهلية ، والسنة الهجرية الاسلامية ؟
كان العرب في عصر الجاهلية يبدأون سنتهم الجاهلية إعتباراً من اليوم الاول من شهر محرم الحرام (1) ، ولكن النبي الاعظم صلى الله عليه واله ترك هذا التقويم الجاهلي ، وشرع بتقويم إسلامي جديد مبدأ سنته هو اليوم الاول من ربيع الاول وهو اليوم الذي هاجر به النبي صلى الله عليه واله من مكة المكرمة الى المدينة المنورة (2) ، ولم يثبت أحد من رواة الحديث والتأريخ من المسلمين أن الهجرة كانت في المحرم ، بل إتفق المسلمون من الرواة والمؤرخين من كلا الطائفتين ( الشيعة والسنة ) بأن هجرة النبي صلى الله عليه واله كانت في شهر ربيع الاول (3) ، فالسنة الاسلامية الهجرية كانت في زمن النبي صلى الله عليه واله تبدأ من 1 ربيع الاول وهو يوم هجرته صلى الله عليه واله من مكة الى المدينة وهو المعبر عنه برأس السنة الهجرية ، إلا أنه في زمن عمر حول بداية السنة الى 1 محرم الحرام بدلاً من 1 ربيع الاول ، وأرجعها كما كان يتخذه العرب في الجاهلية ، وقد نهاه أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك ، وكان عليه السلام من المصرين على أن يبقى أول السنة هو شهر ربيع الاول إلا أن عمر لم يستجب له (4) و (5) .
فالأول من المحرم الحرام هو رأس السنة العربية الجاهلية ( ع . ج )، والأول من ربيع الاول هو رأس السنة الاسلامية الهجرية ( هـ . ق ) ، ومنه يعلم هل تجوز المعايدة والفرح في هذا اليوم أم لا ؟؟ هذا اليوم الذي خولفت فيه سنة النبي صلى الله عليه واله ورجعت الجاهلية للظهور بتقويمها السنوي مرة أخرى بعدما أوقف رسول الله صلى الله عليه واله العمل به ؟؟ سيما وأن روايات السادة المعصومين عليهم السلام بينت أن الملائكة تنشر ثوب الحزن على سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام من اليوم الاول من شهر محرم الحرام . فهل يصح أن يحزن أهل السماء في هذا اليوم بينما أهل الارض به يفرحون ؟؟
( الهوامش ) .....................................
(1) : ( بحار الأنوار للعلامة المجلسي الجزء 55 الصفحة 368 ) . و ( الصحيح من سيرة النبي الاعظم ( ص ) للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضي العاملي ج4 ص ص 274 ، وهو أجود تحقيق مفصل كتب في هذا الموضوع معززاُ بالأدلة الروائية والتاريخية والاستدلالات العقلية ) .
(2) : الصحيفة السجادية عن أبى عبدالله عليه السلام قال : فأتاه جبرئيل عليه السلام بهذه الآية " وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس والشجرة المعلونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا " يعنى بنى امية قال : يا جبرئيل أعلى عهدي يكونون وفى زمنى ؟ قال : لا ولكن تدور رحى الاسلام من ( مهاجرك ) فتلبث بذلك عشرا ، ثم تدور رحى الاسلام على رأس خمس وثلاثين من ( مهاجرك ) فتلبث بذلك خمسا ، ثم لابد من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها ثم ملك الفراعنة . قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار الجزء 55 الصفحة 351 تعقيبا على هذا الحديث : فيدل على أن جعل مبدأ التاريخ من الهجرة مأخوذ من جبرئيل عليه السلام ومستند إلى الوحي السماوي ، ومنسوب إلى الخبر النبوي ، وهذا يؤيد ما روي أن أمير المؤمنين عليه السلام أشار عليهم بذلك في زمن عمر عند تحيرهم . (وفي الخصائص الفاطمية الشيخ محمد باقر كجوري ج2 ص 218 : والحقّ عندي - أنا الحقير - أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هاجر في شهر ربيع الأول وجعله مبدأ السنة الهجريّة )
(3) : بالنسبة لمصادرنا إنظر : ( الكافي الشريف ج 8 / 338 ح 536 رواية عن الامام السجاد عليه السلام : وكان خروج رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة في أول يوم من ربيع الأول ، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث ، وقدم المدينة لاثني عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول فنزل بقبا فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ..... ) و (عنه البحار ج 19 / 115 ح 2 ) و ( مختصر بصائر الدرجات الحسن بن سليمان الحلي ص 130 ) و ( حلية الابرار للسيد هاشم البحراني ج2 ص 34 ) و ( مستدرك سفينة البحار الشيخ علي النمازي ج9 ) ، وغيرها من المصادر تركنا ذكرها طلباً للاختصار .
وبالنسبة لمصادر باقي المسلمين (( باب في بيان هجرة النبي وهجرة أصحابه إلى المدينة ، أما هجرة النبي فكانت أول يوم من ربيع الأول ..... )) انظر : ( عمدة القاري في شرح صحيح البخاري للعلامة بدر الدين العيني ج 1 الباب 45 ) و ( فتح الباري لابن جحر العسقلاني ج7 ص277 ) و (الاستيعاب للحافظ الأندلسي ج 1 ص 11 ) و (الرّوْضِ الْأُنُفِ ج2 ص 220 ) و (موسوعة البحوث والمقالات العلمية ص 77 نقلا عن البداية والنهاية 3/188 . و المواهب اللدنية 1/288 ، و شرح الزرقاني على المواهب اللدنية 2/101-102 ) وغيرها من المصادر تركنا ذكرها طلباً للاختصار .
(4) : الصحيح من سيرة النبي الاعظم ( ص ) للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضي العاملي ج4 ص 127.
(5) : من مؤلفات بعض علماء العامة المعاصرين (موسوعة البحوث والمقالات العلمية ص 77 : المبحث الرابع عشر : بدعة الاحتفال بالهجرة : ومن البدع المحدثة بدعة الاحتفال بذكرى هجرة الرسول- صلى الله عليه وسلم - في اليوم الأول من شهر محرم من كل عام حيث يتخذ هذا اليوم عيداً وعطلةً رسميةً وهو بدعةٌ ..... ومن المعلوم لدى أهل الحديث والسيرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - هاجر من مكة إلى المدينة في أوائل شهر ربيع الأول من السنة الثالثة عشرة لبعثته- صلى الله عليه وسلم - حيث وصل إلى قباء إحدى ضواحي المدينة النبوية لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين كما قال الحافظ ابن كثير ولم تكن هجرته- صلى الله عليه وسلم - في الأول من المحرم كما يظن كثير من الناس وإنما حدث في عهد عمر بن الخطاب ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق