السبت، 17 أغسطس 2019

رسالة السيستاني إلى حسني مبارك

♦رسالة سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني ( دام ظلّه ) إلى الرئيس المصري محمد حُسني مبارك بعد تصريحاته حول ولاء الشيعة♦ : _______________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة السيد محمد حُسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية المحترم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :

فقد سمعنا - ببالغ الإستغراب - ما أدليتم به من تصريح لقناة العربية ورد فيه أن ولاء أغلب الشيعة في العراق و المنطقة ليس لدولهم ، مما يعني الطعن في وطنية عشرات الملايين من أبناء هذه المنطقة و النيل من مواقفهم المشرّفة في خدمة أوطانهم .
إن هذه الرؤية تتجاهل حقائق التأريخ القريب و المعاصر في معظم هذه الدول كالعراق و لبنان و الكويت و البحرين ، إذ كيف يُنسى جهاد ملايين العراقيين في ثورة العشرين و تصديهم للإحتلال البريطاني و دفاعهم عن وطنهم كلما تعرض للإعتداء ، و كذلك مقاومة اللبنانيين التي حررت معظم أراضيهم من الإحتلال الإسرائيلي ، و أيضاً مقاومة رعيل كبير من أبناء الكويت عندما تعرض بلدهم للغزو و الإعتداء ، و الموقف الحاسم لأهل البحرين في الإستفتاء على إستقلالها ؟
كما أن هذه الرؤية تخدش في وطنية قيادات دينية و سياسية و فكرية و ثقافية بارزة أدّت أدواراً مهمة في بلدانها و ساهمت بصورة فعّالة في تحرّرها و نيل إستقلالها و في رقيّها و تقدمها ، و لم تبخل في سبيل ذلك بشيء من النفس و الأهل و المال .
و هي - قبل ذلك - رؤية بالغة الخطورة و لا سيما أنها طُرحت في وقت تمرّ فيه المنطقة بظروف شديدة الحساسية و التعقيد حيث تجري محاولات حثيثة لتفتيت غير واحدة من دولها بتأجيج الصراع الطائفي و العرقي بين أبنائها ، و تواجه جهود المخلصين الحريصين على وحدتها و إستقرارها عوائق شتى .
و أخطر ما في هذه الرؤية أنها تؤسس للتعامل مع الملايين من أبناء هذه الدول بما يقتضي التنقيص من حقوق المواطنة الثابتة لهم سواء في المجال السياسي أو الإجتماعي و حتى الفكري و الثقافي ، كما أن الجري وفقها يتسبّب في خلق بيئة مناسبة للمزيد من التوتر و الصراع بما يستتبع ذلك مزيداً من إراقة الدماء و عدم الإستقرار مما يُعيق التنمية و التقدم في المنطقة كلها .
إننا على يقين بأن المعطيات التي بنيتم عليها رؤيتكم هذه غير متكاملة ، و لذلك فهي لا تمثّل ما تُعرف به القيادة المصرية من رؤى نافذة أهّلتها لأن تؤدي دوراً مهماً في معالجة الكثير من التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة .
إننا على ثقة أيضاً من حرصكم على إستقرار دول المنطقة و وحدة أبنائها و تماسكهم الإجتماعي و سوف لن تدّخروا جهداً في سبيل إزالة أيّ التباس ينجم من الإدلاء بالتصريح المذكور .
حفظ الله ( مصر ) و حفظ أهلها و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

مكتب السيد السيستاني ( دام ظلّه )
النجف الأشرف

١٠ / ٣ / ١٤٢٧ ه
٩ / ٤ / ٢٠٠٦ م

المصدر : النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني - دام ظلّه - في المسألة العراقية .
إعداد : حامد الخفّاف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق