أربعة أخطاء متعمدة لتشويه ثورة 14 تموز
الشعوب المتحضرة الحية، تحترم تأريخها فلا تسمح لأحد بتشويهه فتزييف التأريخ هو إعدام ذاكرة شعب، ليست المشكلة أن تكون مؤيداً أم معارضاً لثورة 14 تموز عام1958، لكن المشكلة الكبرى أن يكون موقفك مبنياً أساس من التأريخ المزيّف. هناك من يشوه تاريخ وجوهر الثورة منطلقاً من أربع معلومات خاطئة متعمدة، وهناك أيضاً من يكرر " دون وعي" نشر هذا التشويه دون محاسبة ضمير:
#الخطأ_الأول : ثورة تموز هي التي فتحت عهد الانقلابات وحكم العسكر:
كلا، هذا غير صحيح ، اول من فتح عهد الانقلابات والاغتيالات هو بكر صدقي عام 1936 . ثمانية انقلابات عسكرية حدثت في العهد الملكي ولكن ثورة تموز نجحت لأنها أسندت من قبل الحركة الوطنية فإستقبلت بتأييد شعبي لامثيل له بأعتراف المستشرق "مكسيم رودنسون" والمؤرخ "حنا بطاطو" والفيلسوف " برتراند راسل" وعشرات الكبار الذين قيموها كثورة شعبية وحيدة في المنطقة. أما دور العسكر فمعروف أن معظم مؤسسي الدولة العراقية كانوا من جنرالات الجيش العثماني، نوري السعيد نفسه كان ضابطاً وصار رئيساً للوزراء 14 مرة . نصف فترة العهد الملكي مضت ضمن حالة الحكم العرفي العسكري.
#الخطأ_الثاني : ثورة تموز كانت دموية ولذلك لايصح إعتبارها عيداً وطنياً
كلا، ياجماعة، العهد الملكي كان دموياً قامعاً، قمع إضرابات عمال كركوك بالرصاص ، أنهى إحتجاج المساجين في الحي وبغداد بالبنادق، دك قرى الآشوريين والكرد بالطائرات، واجه مظاهرات الجسر السلمية بالرصاص، علق سياسيين مدنيين غير مسلحين على المشانق بساحات بغداد، صلب العقداء الأربعة أمام وزارة الدفاع، سنّ قانون العشائر الذي يبيح للاقطاعي قتل الفلاح، ومع ذلك فالحقيقة تقول ان عبد الكريم خطط لابعاد العائلة المالكة الى الخارج على طريقة تعامل الثورة المصرية مع الملك " فاروق"، أما الذي إقترف جريمة قتل العائلة المالكة فهو "النقيب عبد الستار سبع العبوسي" وهو من خارج تنظيمات الضباط قادة الثورة، كان تصرفه فردياً بدوافع قومية وربما ثأرية انتقاماً لضباط حركة مايس 1941 الذين أعدمهم عبدالإله . انظر لفرنسا كيف تحتفل بعيدها الوطني يوم 14 تموز رغم أنه كان يوماً دموياً . باريس عاصمة النور، مدينة حقوق الانسان وثورتها التي رفعت شعار حرية أخاء مساواة لم يمنعها من الاحتفال بهذا اليوم كعيد وطني أن الجماهير الثائرة قتلت" دي لوني" مدير سجن الباستيل وسحلته وطافت براسه معلقاً على الرماح في شوارع باريس..فهناك فرق بين السبب والنتيجة ..الظلم يشرعن العنف. قبل ان تجرّم عنف المظلوم حاسب تهور الظالم فالسبب هو الذي يصنع النتيجة لا العكس!
#الخطأ_الثالث : النظام الملكي كان نظاماً ديموقراطياً خالياً من الفساد وثورة تموز " أنهت هذه الديموقراطية":
كلا ، هذه مغالطة، لم يكن النظام الملكي ديموقراطياً. الديموقراطية كانت ممارسة نخبوية شكلية ومحصورة بين العوائل الارستقراطية والإقطاعيين. روى أحدهم للدكتور علي الوردي: إنه سمع ذات يوم، في موسم من مواسم الانتخابات، بأن برقية وصلت من بغداد لمتصرف لواء تأمره بانتخاب شخص معين. وقد ذهب هو للشخص بقصد التهنئة، فقبل الشخص منهم التهنئة، رغم أن الانتخابات لم تحن وكانت في طور الاعداد! أيد هذه الرواية أحمد مختار بابان في مذكراته، وإعترف أنه هو الذي كان متصرفاً في لواء البصرة والذي شكل الوفد لتقديم التهنئة لذلك النائب. وفي عام 1954 جرت في عهد حكومة أرشد العمري انتخابات برلمانية، ورغم كل الغش، فازت أحزاب المعارضة الوطنية بـ 11 مقعدا من مجموع 131 مقعد، فلم يطق نوري السعيد هذا العدد القليل من المعارضين، إنقلب على زميله أرشد العمري، وعطَّل البرلمان، وشكل الحكومة برئاسته، وأعلن الأحكام العرفية فاية ديموقراطية تلك؟ أما الفساد فقد كان مروعاً ولكنه عشعش في القمة حيث الاقطاعات والامتيازات والتعيينات والمناصب للأعيان والباشوات والسادة والوجهاء والشيوخ. جئني بواحد من الضباط الاحرار ثبتت عليه قضية فساد واحدة! ..لا أحد!
#الخطأ_الرابع : كل إنجازات ثورة تموز كانت مخططة في العهد الملكي
كلا، هذا غير صحيح. عاش العهد الملكي 38 سنة وعاشت ثورة تموز 4 سنوات ونصف، ولكن الذي نفذ في عهد الثورة يتجاوز مئات المرات ما بني في عهد الملكية. الناس لاتأكل من المخططات. أنظر المشاريع على الورق و التي خططت في عهد المالكي والجعفري وما تلاهما..ما الذي تحقق منها؟
#وأخيراً ، لو ان حركة تموز فشلت لأعدمت الملكية كل الضباط الاحرار مثلما فعلت مع حركة الصباغ ، مقابل ماذا؟ ما المكاسب الشخصية التي جناها قادة الثورة؟ هل أثروا؟ هل ملكوا الاراضي والمزارع؟ هل عين عبد الكريم ابن أخيه وزيراً؟ هل سجل وصفي طاهر او المهداوي او ماجد أمين إقتصاد البلاد باسماء عوائلهم؟ هل تقاسم الضباط الاحرار الكعكة مثل جماعة حنان ومشعان وبرزان وطالبان؟ حكومة تموز هي أول وآخر حكومة عراقية تدك اسوار الطائفية والعشائرية واول من حاول نسفها من الاساس..اول من شرّع مبدأ الحاكم خادم الناس وليس سارقهم..بدلاً من رد الجميل يجلس البعض مكرراً ترديد ما يشاع وكله مبني على خطأ.
#علي_بداي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق