نبذة عن العباس بن علي صلوات الله عليه
يُعرف العباس ابن علي أكثر بلقبه أبو الفضل العباس و يُعرف أيضاً بحامل الراية و ساقي العطاشى و هو أحد أبطال عاشوراء. كما يٌلقب أيضاً بأبي القاسم. كما أن العباس حائز على اللقب الوسام قمر بني هاشم.
قال الإمام حعفر الصادق (ع): إن العباس بن علي صلوات الله عليهما كفلقة قمر ، إذا ركب رجلاه يخطان في الأرض خطا، وقد كان جميلاً كالقمر الزاهر.
وقد أكد فضله الإمام المهدي (ع) في زيارة الناحية :
السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين ، المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له الوافي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتليه يزيد بن الرقاد وحكيم بن الطفيل الطائي .
العباس أبوه الإمام علي ابن أبي طالب (ع) و أمه فاطمة بنت حزام بن العامرية الكلابية ، المعروفة بأُم البنين. وُلد العباس يوم الثلاثاء في الرابع من شعبان في السنة السادسة و العشرين للهجرة في المدينة.
بلغ العباس أربعاً و ثلاثين عاماً. بعض الروايات تتحدث أنه عند ولادته لم يفتح عينيه إلا بعد أن حمله أخوه من أبيه الإمام الحسين (ع) و ضمه. كانت تربط الإمام الحسين (ع) بأخيه العباس علاقة خاصة قل مثيلها. عندما وُلد العباس (ع) طلب الإمام علي (ع) من ابنه الإمام الحسين (ع) أن يؤذن و يُقيم في أذنيه.
تزوج العباس من لُبابة بنت عبيد الله ابن العباس ابن عبد المطلب. كان له من الأولاد أربعة وهم عبيد الله و الفضل و الحسن و القاسم وإن كان بعض المؤرخين يرى أن القاسم قد استشهد يوم عاشوراء.
كما بقي للعباس ابنتان كما يذكر صاحب (مقاتل الطالبيين) و(حديقة النسب) و (معارف) وابن قتيبة وغير ذلك.
وبالرغم من أن أحفاد العباس انحصروا فيما بعد في أولاد عبيد الله إلا أنهم تكاثروا وأصبح عددهم بمرور الزمن كبيراً وكان بعضهم من العلماء الأجلاء.
العباس ابن علي بذل الكثير من التضحيات في سبيل الإسلام كما رافق والده في كثير من محطات جهاده كحرب صفين و رافق أخويه الإمامين الحسن و الحسين في المراحل الحرجة و كان عضداً متيناً ثابتاً لهما في عقيدته و شجاعته و بسالته كما ورث من أبيه الإمام علي ابن أبي طالب (ع). و كانت الخاتمة المباركة لهذا العمر المبارك و الرحلة الجهادية شهادته في كربلاء في يوم عاشوراء. و قد كان حامل لواء الإمام الحسين (ع) و كانت شهادته الشريفة عندما ذهب لإحضار الماء للأطفال العطاشى و بعد أن كاد ينجح بإيصال الماء الذي نجح بإحضاره من ماء نهر الفرات ببسالته الفائقة النظير. بعد أن أحاط به الأعداء من كل جانب و استغلوا تمسكه بقربة الماء التي ينتظرها الأطفال العطاشى و لم تسقط منه إلا بعد أن قطعوا يديه أثناء قتال مرير سقط بعده شهيداً على أرض كربلاء. و لذلك فإن ضريحه اليوم يبعد فقط حوالي المئة متر من ضريح أخيه الإمام الحسين (ع). مراسم عزاءه تُقام عادةً في السابع من شهر محرم.
شعار اليد في مجالس عاشوراء يرمز و يذكر بيدي العباس التين قطعتا في يوم عاشوراء.
و في مقتل العباس ابن علي يروي الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد:
وحملتِ الجماعة (عمر ابن سعد) على الحسينِ عليهِ السّلامُ فغلبوه على عسكرِه ،واشتدَّ به العطشُ ، فركبَ المُسنّاةَ يريدُ الفراتَ وبينَ يديه العبّاسُ أخوه ، فاعترضتْه خيل ابنِ سعدٍ وفيهم رجلٌ من بني دارم فقالَ لهم :ويلَكم حُولُوا بينَه وبينَ الفراتِ ولا تمكَنوه منَ الماءِ، فقالَ الحسينِ عليهِ السّلامُ : «اللّهمّ أظْمِئْه» فغَضِبَ الدّارميُ ورماه بسهمٍ فأثبتَه فيحَنَكهِ ، فانتزعَ الحسينِ عليهِ السّلامُ السّهمَ وبسطَ يدَه تحتَ حَنَكه ِفامتلأتْ راحتاه بالدَّم ، فرمى به ثمّ قالَ : «اللّهمَّ إِنِّي أشكو إِليكَ مايُفعلُ بابنِ بنتِ نبيِّك» ثمّ رجعَ إِلى مكانهِ وقدِ اشتدَّ به العطشُ.وأحاطَ القومُ بالعبّاسِ فاقتطعوه عنه ، فجعلَ يُقاتلُهم وحدَه حتّى قُتِلَ رضوانُ اللّهِ عليه - وكانَ المتولِّي لقتلِه زيد بن وَرْقاءَ الحنفيّ وحَكِيم بن الطُّفَيلِ السِّنْبِسيّ بعدَ أن أُثخِنَ بالجراحِ فلم يستطعْ حراكاً.
و في مقتل العباس ابن علي يُروى أيضاً في مصادر أُخرى أنه لما رأى وحدة الحسينِ (ع) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته ، قال لإخوته من أمه : تقدموا لأحتسبكم عند الله تعالى ، فإنه لا ولد لكم . فتقدموا حتى قتلوا فجاء إلى الحسينِ (ع) واستأذنه في القتال فقال له : " أنت حامل لوائي " فقال : لقد ضاق صدري وسئمت الحياة .
فقال له الحسين: " إن عزمت فاستسق لنا ماء " ، فأخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة .
واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسينِ (ع) فرمى بها وقال :
يا نفس من بعد الحسينِ هوني وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسينِ وارد المنون وتشربين بارد المعين
ثم عاد فأخذ عليه الطريق ، فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول:
لا أرهب الموت إذا الموت زقا حتى أوارى في المصاليت لقى
إني أنا العباس أغدو بالسقا ولا أهاب الموت يوم الملتقى
فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه فبرأها ، فأخذ اللواء بشماله وهو يقول:
والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبدا عن ديني
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبرأها ، فضم اللواء إلى صدره كما فعل عمه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة ، فضم اللواء إلى صدره وهو يقول :
ألا ترون معشر الفجار قد قطعوا ببغيهم يساري
فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخر صريعاً إلى الأرض ، ونادى بأعلى صوته : أدركني يا أخي .
فانقض عليه أبو عبد الله الحسين (ع) كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة ، فوقف عليه منحنيا ، وجلس عند رأسه يبكي حتى فاضت نفسه ، ثم حمل على القوم فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً فيفرون من بين يديه كما تفر المعزى إذا شد فيها الذئب ، وهو يقول : أين تفرون وقد قتلتم أخي ؟ ! أين تفرون وقد فتتم عضدي ؟ ! ثم عاد إلى موقفه منفردا .
وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لأعداء الحسينِ (ع) ، ولم يقتل بعده إلا الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح .
--
مصدر آخر
العباس ابن الإمام علي(صلوات الله عليهما)(1)
قرابته بالمعصوم
ابن الإمام علي، وأخو الإمامينِ الحسن والحسين، وعم الإمام زين العابدين(عليهم السلام).
اسمه وكنيته ونسبه
أبو الفضل، العباس بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
ألقابه
لُقب(صلوات الله عليه) بقمر بني هاشم، باب الحوائج، السقّاء، سَبع القنطرة، كافل زينب، بطل الشريعة، حامل اللواء، كبش الكتيبة، حامي الظعينة، وغير ذلك.
أُمّه
فاطمة بنت حزام العامرية الكلابية، المعروفة بأُمّ البنين.
ولادته
ولد في 4 شعبان 26ﻫ.
زواج الإمام علي(صلوات الله عليه) لأجله
«روي أنّ أمير المؤمنين علياً(صلوات الله عليه) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم ـ: اُنظر إلى امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً. فقال له : تزوّج أُمّ البنين الكلابية، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها. فتزوّجها»(2)، فولدت له العباس(صلوات الله عليه)، وبعده عبد الله، وبعده جعفراً، وبعده عثمان.
صفاته
قال الإمام الصادق(صلوات الله عليه): «كان عمُّنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله(صلوات الله عليه)، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً»(3).
وقال أبو مخنف الأزدي(رضوان الله عليه): «كان(صلوات الله عليه) شجاعاً فارساً وسيماً جسيماً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض»(4).
إيصاله الماء إلى معسكر الحسين(صلوات الله عليه)
«لمّا اشتدّ على الحسين وأصحابه العطش دعا العباس بن علي بن أبي طالب أخاه فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً، وبعث معهم بعشرين قِربة، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ليلاً، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجّاج الزبيدي: مَن الرجل فجئ ما جاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه، قال: فاشرب هنيئاً، قال: لا والله، لا اشرب منه قطرة وحسين عطشان، ومن ترى من أصحابه فطلعوا عليه، فقال: لا سبيل إلى سقي هؤلاء، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلمّا دنا منه أصحابه قال لرجاله: املؤوا قربكم فشدّ الرجالة فملأوا قِربهم وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفّوهم... وجاء أصحاب حسين بالقِرب فأدخلوها عليه»(5).
موقفه يوم التاسع من المحرّم
«أتى أمر من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد يستحثه على المنازلة، فركبوا خيولهم وأحاطوا بالحسين(صلوات الله عليه) وأهل بيته وأصحابه، فأرسل الحسين(صلوات الله عليه) أخاه العباس ومعه جملة من أصحابه، وقال: سلهم التأجيل إلى غد إن استطعت»(6)، فذهب(صلوات الله عليه) إلى قادة العسكر وتكلّم معهم على التأجيل فأجّلوه.
عدم قبوله أمان ابن زياد
لمّا أخذ عبد الله بن أبي المحل بن حزام ابن خال العباس(صلوات الله عليه) أماناً من ابن زياد للعباس وإخوته من أُمّه، قال العباس وإخوته: «لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سمية»(7).
«وأقبل شمر بن ذي الجوشن(لعنه الله) فنادى: بنو أُختي عبد الله وجعفر والعباس وعثمان. فقال الحسين(صلوات الله عليه): أجيبوه وإن كان فاسقاً، فإنّه بعض أخوالكم. فقالوا له: ما شأنك؟ فقال: يا بني أُختي أنتم آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد. قال: فناده العباس بن علي(صلوات الله عليه): تبت يداك، ولعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله، أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة(صلوات الله عليهما) وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء. قال: فرجع الشمر(لعنه الله) إلى عسكره مغضباً»(8).
موقفه يوم العاشر من المحرّم
«لمّا رأى(صلوات الله عليه) وحدة الحسين(صلوات الله عليه) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته، قال لإخوته من أُمّه: تقدّموا لأحتسبكم عند الله تعالى فإنّه لا ولد لكم ، فتقدّموا حتّى قتلوا ، فجاء إلى الحسين(صلوات الله عليه) واستأذنه في المصال.
فقال(صلوات الله عليه) له: أنت حامل لوائي، فقال: لقد ضاق صدري وسئمت الحياة، فقال له الحسين(صلوات الله عليه): إن عزمت فاستسق لنا ماءاً، فأخذ قِربته وحمل على القوم حتّى ملأ القربة، قالوا: واغترف من الماء غرفة ثمّ ذكر عطش الحسين(صلوات الله عليه) فرمى بها وقال:
يا نفسُ من بعد الحسين هوني ** وبعده لا كنتِ أن تكوني
هذا الحسينُ واردَ المنونِ ** وتشربينَ باردَ المعينِ
ثمّ عاد فأُخذ عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه، وهو يقول:
لا أرهبُ الموتَ إذ الموتُ زَقَا ** حتّى أدارى في المصَاليتِ لُقى
إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا ** ولا أخافُ الشرّ يوم المُلتقى
فضربه حكيم بن طفيل الطائي السِنبِسي على يمينه فبراها فأخذ اللواء بشماله، وهو يقول:
والله إن قطعتُمُ يميني ** إنِّي أُحامي أبداً عن ديني
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبراها، فضمّ اللواء إلى صدره (كما فعل عمّه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة، فضمّ اللواء إلى صدره) وهو يقول:
ألا ترون معشر الفجّار ** قد قطعوا ببغيهم يساري
فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم، فضربه بعمود على رأسه، فخرّ صريعاً إلى الأرض، ونادى بأعلى صوته: أدركني يا أخي، فانقضّ عليه أبو عبد الله كالصقر، فرآه مقطوع اليمين واليسار، مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم، مرتثاً بالجراحة، فوقف عليه منحنياً، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه.
ثمّ حمل على القوم، فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً، فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذئب، وهو يقول: أين تفرّون وقد قتلتم أخي، أين تفرّون وقد فتتم عضدي»(9).
ثمّ قال(صلوات الله عليه): «الآن اِنكسر ظهري، وقلّت حيلتي»(10).
شهادته
استُشهد(صلوات الله عليه) في 10 محرّم 61ﻫ بأرض كربلاء المقدّسة، ودفنه فيها الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه)، وقبره معروف يُزار.
ترحّم الإمام عليه
قال الإمام زين العابدين(صلوات الله عليه): «رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله الله عزّ وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة»(11).
ــــــــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: أعيان الشيعة 7/429.
2. عمدة الطالب: 357.
3. مقتل الحسين لأبي مخنف: 176.
4. المصدر السابق.
5. المصدر السابق: 99.
6. إبصار العين: 31.
7. تاريخ الطبري 4/314.
8. اللهوف في قتلى الطفوف: 54.
9. مقتل الحسين لأبي مخنف: 178.
10. بحار الأنوار 45/42.
11. الأمالي للصدوق: 548.
--النفس الزكية--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق