(الفرّاش الذي أصبح فريقاً!! )
لم يكن (عبد حميد حمود التكريتي) شخصاً عادياً في سلطة صدام فقد كان يحتل مراكز مهمة في أهم مفاصل الحياة للسلطة العراقية البائدة. كان الفريق عبد حميد حمود يحمل هذه الرتبة العسكرية من دون أن يعرف معنى وتفاصيل الشارات المتكومة فوق كتفيه، بل لم يؤد الخدمة العسكرية الإلزامية كجندي مكلف، وبالإضافة الى حمله لقب الدكتوراه في العلوم السياسية وهو أرفع لقب علمي يحمله الإنسان في حين أكمل عبد حمود الدراسة الابتدائية ولم يستطع الاستمرار في الدراسة حيث ضجر منها فتركها في العام 1970 ليذهب الى بغداد لعله يجد فرصة عمل لظروفه العائلية ..ولاسباب خاصة صدرت من القيادة التكريتية التي توجب ايجاد فرص لأبناء العم والاخوة والأخوال والعشيرة، فقد تم تعيين عبد الحميد محمود بوظيفة (فراش) في ديوان الرئاسة استثناء من قانون الخدمة في الراتب والدرجة ..
وبقي عبد حمود كما كان يطلق عليه منسب للعمل في ديوان الرئاسة ولكن دون عمل، وأصبح يرتدي البدلة الزيتوني ويحمل المسدس على خاصرته متدليا" ليؤدي المهام العائلية الخاصة باعتباره من عائلة (الحمود) التي ينتسب اليها زوج والدة صدام ..
أظهر عبد حمود مواقف تنم عن تنكره لعائلته وجماعته والاخلاص لصدام وولديه، وبدأ يتقرب من النائب صدام حينذاك على حساب ابتعاده عن اخوة الرئيس لأمه، ثم حدث الفراق النهائي بأن استخدمه الرئيس استخداماً خاصاً كان خلاله أحد عناصر الحماية الخاصة التي تناوب عليها كل من صباح مرزة وأرشد ياسين، وبعد انتهاء دور الاثنين حظي عبد حميد بمنصب المركز الأول للحماية ومن ثم وصل الى مركز السكرتير الشخصي للرئيس. وبرز دور عبد حمود فعلياً بعد هروب حسين كامل وشقيقه صدام كامل وبنات صدام الى الأردن، حيث تكفل بأمر من صدام اضافة الى قصي وعدي بتصفية كل مخلفات وأزلام حسين كامل. وبرع في الاخلاص لرئيسه وعدم اكتراثة بالحزب، حيث كان يشرف فعلياً بمعاونة قصي على كل الدوائر الأمنية والمخابراتية التي ترتبط بالرئاسة في العراق، كما كان مسؤولاً عن ملفات الاعدام، اذ كان هو المسؤول عن الموافقة على التنفيذ وشكل التنفيذ، اضافة الى تخويله بموجب قرارات اصدار القوانين والقرارات باحالة المدراء العامين والموظفين الكبار على التقاعد، اضافة الى صلاحيات الأمر بالاعدام والاحالة على المحكمة الخاصة، وتخفيض العقوبات والمدد والغاء الأحكام وشمول من يراه بالتخفيضات والمراحم من عدمها، اضافة الى صلاحياته بالصرف غير المحدد، ومسؤوليته كلياً عن جلسات وسهرات وخلوات الرئيس، ومسؤوليته كلياً عن طاقم الحماية الخاصة بصدام. وبالنظر للجهود المبذولة والتفاني في خدمة صدام فقد تم منح عبد حمود رتبة (فريق في الجيش العراقي) وهي رتبة لا تفوقها الا رتبة المهيب التي يرتديها صدام نفسه. أما عن اكماله دراسة الدكتوراه واعداد الرسالة للماجستير والدكتوراه فتلك حكاية أخرى.
------------------------------
* عبد حمود.. الرجل الأكثر غموضا" في النظام العراقي السابق :
عبد حمود لم يكن هذا هو اسمه لكنه عرف به على مدى أكثر من عقدين من الزمن شغل خلالهما واحدا" من أهم المناصب في النظام العراقي السابق.. السكرتير الشخصي لصدام حسين وهو المنصب الذي شغله قبله حامد يوسف حمادي الذي أصبح فيما بعد وزيرا للثقافة. اسمه الحقيقي «عبد الحميد محمود الخطاب التكريتي»..لكن المخيلة الشعبية العراقية اختزلته إلى «عبد حمود» . لم يكن مثل سواه من أبناء قرى تكريت الفلاحية جنديا" محترفا"، لكنه بعد نجاح انقلاب 17 تموز عام 1968 ووصول حزب البعث والثنائي التكريتي أحمد حسن البكر وصدام حسين إلى قمة السلطة، فإن الكثير من شبان عشيرة البوناصر حظوا بدخول دورات عسكرية حملوا خلالها رتبا عسكرية بسيطة أول الأمر قبل أن يتقدموا بالرتب بسرعة غير مسبوقة. هو واحد من هذا الثلاثي الذي حاز رتبا عسكرية ومسؤوليات لا تخطر على بال:
علي حسن المجيد
وحسين كامل
وعبد حمود
- عبد حمود ينتمي إلى الفرع الآخر من عشيرة صدام - فخذ البوخطاب وهم أبعد قليلا" من أبناء عمه علي الكيماوي وحسين كامل (زوج رغد الابنة الكبرى لصدام حسين).. لكنه ولأسباب تتعلق بالخلافات داخل الأسرة أصبح عبد حمود من أكثر المسؤولين قربا من صدام حسين. والأسباب التي ساعدته على ذلك أنه لم يكن طرفا في خلافات عائلية ولم يحتك بابني صدام.
حافظ عبد حمود على وضعه الرسمي داخل السلطة بالإضافة إلى تقدمه بالرتب العسكرية حتى وصوله إلى رتبة فريق أول في المؤسسة العسكرية العراقية ونيله شهادة الدكتوراه في العلوم العسكرية وأصبح اسمه الرسمي بين المسؤولين «السيد الفريق».
حمل عبد حمود التسلسل رقم 4 ضمن قائمة الـ55 مسؤولا من كبار مسؤولي النظام السابق وقد تم اعتقاله من قبل القوات الأميركية في التاسع عشر من شهور يونيو (حزيران) عام 2003. أودع السجن كانت آخر مهمة له في السجن أنه أطال لحيته بشكل لفت الأنظار إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عبد حمود التكريتي الحارس الشخصي لصدام حسين في سطور
ولد في تكريت 1956 من أسرة ريفية متواضعة. ألتحق بالمدرسة شأنه في ذلك شأن أقرانه الآخرين، ولكنه في وقت ما ضاق بأعبائها، فأدار الظهر لها وهو لم يزل بعد على مقاعد الدراسة الابتدائية.
في إحدى الأيام وأثناء زيارة صدام - الذي لم يزل نائباً للرئيس- لتكريت كان عبد في الخامسة عشر تقريباً قد لمح صدام حسين في احدى زياراته بالزي العربي وهو يتنزه في قارب في نهر دجلة فاقترب عبد من الضفة وقال:
- سيدي نائب الرئيس..إني أرغب في خدمتك كحارس شخصي.
ولكن لم يعطه صدام أي اهتمام.
بدأ مشواره جندي عادي تابع للحرس الجمهوري الخاص..ثم نقل الى الرئاسة كجندي خدمة (مراسل) ك (فراش)كما في الوظائف المدنية
ثم بدأ حياته المهنية بالرئاسة كجندي حماية ثم مرافق وبعدها قائداً لوحدة المرافقة ثم مديراً لمكتب صدام وسكرتيره الخاص.
وكان قد تدرج في سلم الرتب العسكرية في فترة قصيرة حتى وصل لرتبة نقيب، ثم بدأ مشواره الحقيقي، حين استدعاه صدام وضمه إلى وحدة المرافقة الشخصية.
كانت بدايته مع حسين كامل ابن عم وصهر صدام ومرافقه الخاص، وما هي إلا سنوات حتى يعين حسين وزيراً للتصنيع العسكري، ثم واصل مشواره مع أخيه صدام كامل.
على طول الجولات والمهمات التي كان يرافق بها صدام حسين أثناء الثمانينيات أثناء الزيارات إلى جبهة الحرب أثناء الحرب العراقية الإيرانية مروراً بزيارة المدن ودخول بيوت العراقيين وزيارة ثكنات الجيش وزيارة الكويت أثناء الاجتياح نهايةً بمرافقته في الاجتماعات الدولية استطاع عبد معرفة أطباع صدام وطريقة التقرب منه.
بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وبداية أحداث اجتياح الكويت استطاع عبد حمود التفـرّد بالمهمات وبمرافقة صدام بعد عزل كلاً من صباح ميرزا أقدم حارس شخصي لصدام، وارشد ياسين صهر صدام ومرافقه وقائد طائرته الخاصة للأسباب مجهولة في عام 1991م، وسطع نجمه أكثر بعد اغتيال صدام وحسين كامل صهرا صدام في عام 1995م لهروبهم إلى الأردن وكشفهم أسرار عسكرية وتسليحية، وإعدام صدام بعض الحراس لشكه فيهم.
بعد عام 1996م صار عبد حمود أقدم وأقوى حارس شخصي لصدام وكان أشبه بيده اليسرى حيث كان من النادر أن تشاهد صدام حسين في الجولات الداخلية أو المناسبات أو حتى الاجتماعات الرسمية بدون أن تشاهد عبد حمود خلف صدام، كان دائما ما يقف في الخلف بوجهه العابس وشاربه الغليظ حاملاً رزمة من الأوراق والملفات متخصراً بمسدس..
ثم زاد وثوق صدام به بعدما اكتشف عبد حمود في إحدى العروض العسكرية وفي اللحظات الأخيرة محاولة لاغتيال صدام بواسطة دبابة مفخخة دبرها ضباط عراقيون في الجيش وبتواطؤ حارسين شخصيين لصدام، كان ذلك كافياً ليرقه صدام من رتبة عقيد إلى رتبة لواء ويناديه في أغلب الأحيان بـ "الرفيق المخلص الأمين
مرت السنون وزاد وثوق صدام به فرقاه إلى رتبة فريق وعينه مديراً لمكتبه ثم سكرتيراً خاصاً وقائداً لوحدة المرافقة، ويُقـال أن صدام أطلق يده وأصبح نفوذه في الدائرة السياسية أكبر من نفوذ نجلا صدام وكان يُصدر الأوامر للوزراء بدون الرجوع لرئيس الجمهورية
والغريب ان عبد حمود القروي الذي كان يرعى الغنم ولم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية ولم يدخل الكلية العسكرية ولا كلية الاركان منح شهادة الماجستير في العلوم السياسية موضوعها الاستراتيجية الإسرائيلية إزاء العالم العربي،
ثم ناقش أطروحة دكتوراه في العلوم العسكرية موضوعها عن تحرير جزيرة الفاو العراقية من قبل الجيش العراقي أثناء الحرب مع إيران،
ظل هذا الرجل ممسكاً وبشدة بزمام الحراسة والسكرتارية طوال تلك الفترة، حتى في أثناء جولات مفتشي الأمم المتحدة عن أسلحة الدمار الشامل ظل يرافقهم في أغلب الجولات، لينقل إلى صدام ما يحدث..
توسعت صلاحياته ليشمل الديوان الرئاسي وليصبح نائباً ثانياً لرئيس مجلس الأمن القومي ورئيساً لمنظمة الأمن الخاصة، وصار عبد مفتاح الوصول إلى الرئيس، فقد كان الوزراء يهابونه وعلى شبه استعداد لإطاعة أوامره، فلم يكن يتردد في مخالفتهم الرأي، ففي إحدى المهمات التفتيشية لمفتشي الأمم المتحدة لم يتردد عبد في توجيه إنذار إلى الفريق عامر رشيد وزير النفط، الذي كان يريد أن يحل محل المترجم في ترجمة المحادثات
كان شاربه الكثيف الذي يقطع وجهه، يمنحه مظهراً من القسوة والعبوس،
كانت الثقة بينه وبين صدام كاملة مطلقة وهو الوحيد الذي كان يحمل السلاح أمام صدام في حين حتى ابناء صدام عدي وقصي كانوا يجردون من السلاح في حضور والدهم ، وكان الوحيد الذي يختار الاشخاص الذين يقابلهم صدام ..اضافة تحديد جدول اعماله
في أثناء الغزو الأمريكي عام 2003م ظل عبد في كل الأوقات يرافق صدام حسين في الاجتماعات والجولات ..وحتى قبل يومٍ واحد من سقوط بغداد شوهد مع صدام في منطقة الاعظمية في يوم السابع من نيسان. 2003، وبات المطلوب الرابع على قائمة المطلوبين، حيث تم القبض عليه بالقرب من تكريت في 19 يونيو 2003م.
ثم جاء دور المحاكمات التي تابعها كثيرون داخل العراق وخارجه حيث ظهر عبد في قفص الاتهام خلف صدام تماما" وكأنه اختار مكانه بنفسه، حيث كانت تلك المرة الأولى التي يلتقي فيها بصدام منذ سقوط النظام .. دهشة طغت على وجوههم لكن اقتصرت على السلام فقط.
حُـكم عليه بالإعدام في قضية جرائم الابادة الانسانية وتصفية الأحزاب الدينية وزعماء الشيعة وقضايا أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق