الأربعاء، 24 يوليو 2019

رجل زرع غابة

هل تعرفون قصة الرجل الذي غرس غابة؟

نجح جاداف مولاي، وهو ناشط بيئي هندي، في زرع غابة تغطي 82 هكتارا على أرض جافة وقاحلة من ولاية كيرالا، أقصى جنوب الهند. مبادرة عادت بالنفع على بيئة المنطقة                                                                                   "غابة جاداف مولاي" غنية كغيرها من الغابات الطبيعية، إذ تعد أكثر من 800 نوع نباتي و300 نبتة طبية وآلاف الأشجار ومئات الطيور والحشرات، رغم أنها زرعت بأكملها من قبل رجل واحد وهو جاداف مولاي، بفضل قوة ساعديه… وإرادته. فحتى مطلع الثمانينات، كانت هذه الأرض جافة، مشقوقة وصخرية ولم تكن خصبة بالمرة. لكن ذلك لم يثن عزم هذا الناشط البيئي الذي يعمل على إعادة غرس هذه الأراضي القاحلة منذ 1977.
هذه الغابة هي اليوم محل اهتمام باحثين وطلبة واختصاصيين بيئيين من جميع القارات. وقد صارت حتى موضوع دراسة في الجامعات الهندية تحت اسم "نموذج جاداف مولاي" ، إذ باتت مثالا يحتذى به لتعليم طرق إعادة تشجير مكان دون استعمال المواد الكيميائية. كما حصل جاداف مولاي على عدة جوائز في الهند وتم إدراج غابته ضمن الجولات السياحية لمنطقة كيرالا. وجاداف مولاي فخور بهذا العرفان لكنه يطمح خاصة لجعل هذه الغابة مثالا عمليا لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
"أريد أن أثبت أن العزم كاف لإعادة إحياء الطبيعة"
جاداف مولاي يبلغ من العمر 67 سنة وقد بدأ منذ 1977 في زراعة ما بات يسمى "غابة جاداف مولاي".
كبرت واشتغلت في مختلف المدن الهندية وفي بيئة حضرية ملوثة، لكنني كنت دائما مولعا بالأشجار التي ترمز بالنسبة لي للسكينة والطمأنينة. قمت بأعمال عدة وبمجرد أن ادخرت بعض المال، قررت سنة 1977 شراء قطعة أرض في كيرالا، وهي مسقط رأسي، لأزرع غابة.
كان الرهان جريئا، فالأرض كانت قاحلة وحجرية وبالكاد كانت بعض النباتات تنمو فيها. كانت مساحتها 55 هكتارا ولم تكلفني مبلغا باهظا، فقط 3750 روبية (أي ما يعادل 55 يورو) . قمت بزرع مائة شجيرة  وكنت أسقيها يوميا. كنت أذهب للقرى المجاورة للحصول على الماء وأعود به على دراجتي.
كان الناس يسخرون مني ويصفونني بالجنون، فخلال العامين الأولين، لم تتجذر أي من الشجيرات التي زرعتها. لكن السنة الثالثة كانت سنة النجاح، إذ قررت أن أزرع شجيرات أكبر بقليل، وبدأ بعضها بالنمو. كل ما كان علي فعله هو التحلي بالصبر ! وعندما أصبح المكان يشبه الغابة، قررت شراء 27 هكتارا فى سنة 1982، ما يجعل المساحة الإجمالية لغابتي اليوم 82 هكتارا.
لا أملك أية شهادة ولا أية معرفة بعالم النباتات، كل ما في الأمر أنني اعتمدت على رغبتي وعلى الخبرة التي كسبتها مع مرور السنين. كل ما أريد إثباته، هو أنه بإمكان أي شخص أن يزرع غابة إن أراد ذلك. مشهد الغابات المدمرة ومجاري المياه التي تجف في أنحاء العالم يحزننا، لكن أريد أن أثبت أن العزم كاف لإعادة إحياء الطبيعة.
لم أستعمل أبدا أي منتوج دخيل، لا روث ولا مبيد حشرات، ولم أجمع أبدا ما تساقط من الأوراق والأغصان ولم أشذب شجرة. أردت أن تتم العملية بطريقة طبيعية بحتة، لكي أبرهن أيضا أنه من الممكن أن نزرع غابة فقط بالماء والوقت. أنا عاجز اليوم على عد الأشجار فهي كثيرة، وفخور بأنني حفرت آبار ماء وسط الغابة فقد جذبت أنواعا شتى من الطيور. كما نمت نباتات مختلفة تحوم حولها الحشرات.
مع مرور السنين، لاحظت التغيرات الإيجابية لهذه الغابة على كامل المنطقة، لا سيما لأنها باتت مصدرا للماء. فالأعشاب التي نبتت ترتوي من مياه الأمطار وتغذي الأرض. عند وصولي هنا، كانت هناك بئر واحدة تمدنا بحوالي 500 لتر من الماء سنويا. أما اليوم، فهي تمدنا بمائة ألف لتر حتى في عز الصيف وتفيض في موسم الأمطار. هذه البئر تروي عائلات بأكملها وآبار القرى المجاورة لم تعد جافة بفضل النباتات التي تغذي الأرض. كما أن غابتي تتمتع بمناخ محلي، فحتى عندما تبلغ درجات الحرارة 40 درجة في بقية ولاية كيرالا فهي تتراوح بين 20 و30 هنا.
كثيرون من أصحاب الوكالات المعمارية اقترحوا علي بيع غابتي لكن هذا من ضرب المستحيل ! إن قمت بذلك فأنا متأكد أنهم سيبنون هنا منتجعا سياحيا أو مركزا تجاريا وأنهم سيقطعون أشجاري.
#عبدالله_حسين_التميمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق