الثلاثاء، 23 فبراير 2021

قضية حسين كامل

في مثل هذا اليوم في السيدية في بغداد 
الذكرى ال 25 لقتل حسين كامل الرجل الثاني بعد صدام وعائلته في معركة منزلهم في منطقة السيدية في بغداد التي أطلق عليها الصولة الجهادية او انتقام العشيرة 

قصة حسين كامل 

حسين كامل الرجل الذي رغم عدم اكماله الدراسة الابتدائية منحه صدام أعلى رتبة عسكرية بالجيش (فريق اول) وزوجه ابنته رغد لكنه خانه وغدر به ليقوم صدام بقتله مع شقيقه صدام كامل زوج رناا بنت صدام 

في الليلة التاسعة من أغسطس/ آب لعام 1995 فوجئ قائد نقطة التفتيش العراقية على الحدود العراقية الأردنية بموكب ضخم من السيارات ينتشر على الحدود متوجهًا إلى عمّان، بدا القائد متوترًا حين لمح ثلاث سيارات تابعة لرئاسة الجمهورية ضمن الموكب، إذ لم يكن لديه أي تعليمات مسبقة باستقبال موكب رسمي تلك الليلة، لكن سرعان ما اطمأن الرجل حين رأى القادمين في الموكب.

كانت السيارة الرئاسية الأولي تحمل قائد الحرس الجمهوري ووزير التصنيع العسكري الفريق أول الركن حسين كامل المجيد ومعه زوجته رغد صدام حسين وأطفالهم الخمسة، والثانية تحمل صدام كامل شقيق حسين كامل وزوجته رنا صدام حسين وأطفالهم الأربعة، والثالثة تحمل شقيقة حسين كامل إلهام كامل وزوجها عزالدين المجيد وأطفالهم الخمسة.

امتثل قائد نقطة التفتيش للأوامر الصادرة من حسين كامل بتسهيل إجراءات الدخول للحدود الأردنية حيث ستقضي الأسرة بضعة أيام في عمان قبل السفر إلى بلغاريا في مهمة رسمية.

وفي نفس الليلة وعلى بعد مئات الأميال في العاصمة بغداد، كانت العائلة الحاكمة تعيش لحظات حرجة وصعبة، حيث ارتكب عدي صدام حسين جريمة أخرى من جرائمه المتكررة لكن هذه المرة أطلق النيران على عمه وطبان التكريتي وزير الداخلية الذي انتقل إلى مستشفى ابن سينا لإسعافه وقد لحقت العائلة بأكملها إلى المستشفى باستثناء عدي وحسين كامل وإخوته، الأمر الذي لاحظه صدام حسين فطلب من عمه علي حسن المجيد البحث عن حسين كامل وإبلاغه بما حدث بين عدي وعمه وطبان.

صباح اليوم التالي استيقظ صدام فزعًا وخوفًا عندما علم بخبر انشقاق حسين كامل عن نظامه وصاح يصرخ في أرجاء القصر «ذلك الكلب، ذلك النذل الخائن»، إنه لأمر مروع وصادم تمامًا كتلك الأيام السوداء التي كانت خطوات صدام فيها أقرب للموت منها للحياة، فالرجل الذي خانه وانشق عن نظامه لم يكن زوج ابنته فحسب، بل كان المسئول الأول عن برنامج العراق لتصنيع الأسلحة البيولوجية والكيميائية، والقائد العام لقوات الحرس الجمهوري ومدير مكتب أمن الرئيس ويعلم كل صغيرة وكبيرة عن الرئيس والعائلة التي باتت في خطر إذا ما قرر حسين كامل أن يفشي تلك الأسرار للأعداء!

فشل في الدراسة ونجح في الحرس الجمهوري
وُلد حسين كامل حسن المجيد بـقرية تل الذهب في تكريت عام 1954، ولم يكن كامل ذكيًا أو متفوقًا بما يكفي ليتجاوز المرحلة الابتدائية والتي كانت أقصى ما استطاع الرجل أن يحصل عليه من تعليم، الأمر الذي جعله يحاول البحث عن وظيفة في أجهزة الأمن، وهو ما تحقق في عام 1974 عندما عينه ابن عم والده صدام حسين، رجل بغداد القوي نائب الأمين العام لحزب البعث حينذاك، في الحرس الخاص به، وفي عام 1979 أدخله صدام في دورة للضباط الاحتياط خرج منها برتبة ملازم أول، ثم سرعان ما انهالت الترقيات والأوسمة على حسين كامل بعد موافقة صدام على تزويجه بكبرى بناته رغد عام 1983.

بات حسين كامل رئيسًا لمكتب الأمن الخاص بالرئيس، ومن ثم كلفه صدام بالإشراف على قوات الحرس الجمهوري، فنجح كامل في ذلك الأمر نجاحًا كبيرًا، حيث استطاع أن يزيد عدد الألوية التابعة للحرس الجمهوري، وأن يطور أسلحته وتدريباته ليصبح سلاح الحرس الجمهوري هو القوة الأكبر والأقوى داخل الجيش العراقي الغارق في مستنقع الحرب مع إيران في ذلك التوقيت.

وبمرور الوقت ازدادت ثقة صدام في صهره فأنعم عليه برتبة فريق أول ركن وأولاه مسئولية وزارة النفط مع وزارة الصناعة التي دمجها بهيئة التصنيع العسكري ليصبح حسين كامل المسئول الأول عن البرنامج النووي العراقي في أوائل التسعينيات، مؤكدًا بذلك مكانته ونفوذه كواحد من أهم وأقوى رجال النظام والعائلة الحاكمة، وهو الأمر الذي سيسبب الكثير من المتاعب والمصاعب لكامل بعد ذلك!

ابن الرئيس الذي لا يمكن ترويضه
«عدي» نجل الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

وصل صدام حسين إلى قمة السلطة في العراق عام 1979، فهبت رياح الحقد والكراهية والضغائن بين عائلته وعشيرته من آل المجيد الذين تنافسوا على السلطة والنفوذ والثروة التي فتح صدام أبوابها لهم.

بدأت فصول الصراع داخل العائلة عام 1983، حينما رفض صدام حسين طلب إخوته غير الأشقاء برزان وسبعاوي ووطبان بزواج ابنته الكبرى رغد من أحد أبناء سبعاوي مفضلًا حسين كامل عليه، ولم يكن كامل وقتها سوى نقيب في الحرس الخاص بصدام، فاشتعلت العداوة والكراهية بينه وبين إخوة صدام وخاصة برزان والذي كان يعد وقتها الرجل الأول في نظام صدام، لكن كامل أكمل التفوق عليه واستطاع كسب المزيد من الثقة والحظوة لدى الرئيس، وبدأ بنقل الوشايات والتشكيك في مطامع برزان في السلطة، ليقوم صدام بعدها بإزاحة أخيه برزان من رئاسة المخابرات.

استمر نجم حسين كامل في الصعود داخل القصر، وخاصة بعد موافقة صدام على طلب حسين بزواج أخيه صدام كامل من ابنته رنا عام 1986، وتولى حسين كامل رئاسة قوات الحرس الجمهوري ورُقي إلى رتبة فريق أول عام 1988، كلفه صدام بالإشراف على المشتريات العسكرية، مما فتح له أبواب الثروة الضخمة التي استطاع تكوينها من عمولات وسمسرة صفقات تسليح الجيش العراقي بعد نهاية حرب الخليج الأولى.

غير أن طموح حسين كامل اصطدم بقصي وبعدي صدام حسين، ذلك الفتى المتهور الذى تعرف العراق كلها حبه الجم للمال والسلطة وشغفه بالتعذيب والقتل لكل من يعترض طريقه، كان عدي يعد نفسه ليخلف أباه في الحكم، لكنه كان ماجنًا ومندفعًا ولا يستطيع السيطرة على نفسه عندما تصيبه نوبات القتل والتعذيب وحب الجنس.

في ذلك التوقيت، كانت حرب الخليج قد انتهت وفرضت الولايات المتحدة حصارها الاقتصادي الخانق على العراق، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد العراقي وارتفاع معدلات البطالة والتضخم بشكل متسارع، ورفض صدام حسين برنامج «النفط مقابل الغذاء» الذي اقترحته الأمم المتحدة لبيع شحنات النفط العراق مقابل الغذاء والدواء للعراقيين الذين حاصرهم الفقر والمرض، ليفتح صدام أبواب السوق السوداء على مصراعيه وبالطبع كان عدي ابن الرئيس هو ملك هذه السوق وشيخ تجارها.

حاول حسين كامل كسب صداقة عدي وثقته أو تجنب عداوته على الأقل، وأقنعه بأن يشاركه في تلك التجارة الرابحة فأسسا شركة «الأمير» لاستيراد كافة السلع الخاضعة للحظر الاقتصادي من إيران عبر قنوات التهريب الحدودية ومن ثم إعادة بيعها داخل السوق السوداء ، فجنى عدي وكامل ثروة هائلة تقدر بملايين الدولارات من وراء هذه التجارة.

لكن مساعي كامل في احتواء سلطة وهيمنة عدي فشلت، إنه نقطة ضعف الرئيس الوحيدة، لا يكاد يقوم بتعذيبه وسجنه مع كل جريمة يقوم بها حتى يحن إليه مرة أخرى ويطلق سراحه ليعبث في أنحاء العراق كلها، يطلق النار على من يشاء ويعذب ذلك الرياضي الذي لا يعجبه ويضع يده على ذلك القصر أو السيارة الفارهة ثم يهاجم الحكومة والمسئولين الفاسدين في جريدته «بابل» محملًا إياهم مسئولية ما آلت إليه أوضاع العراق! ثم يعود إلى والده لينقل إليه أخبار المؤامرات والدسائس التي يتصدى له، وحسين كامل لا يأمن على نفسه أن يكون بطلًا لإحدى هذه المؤامرات التي وأدها عدي وطوى صفحتها للأبد.

فكر حسين كامل في الأمر مليًا، وقد أيقن أن السلطة التي ظل يحلم بها لن تحقق أبدًا في وجود عدي ابن الرئيس، فعزم أمره في صيف عام 1995 على السفر للأردن وهناك يستطيع أن يطيح بعدي وأبيه معًا!

خطة الانقلاب
كانت الانقلابات العسكرية هي الوسيلة التي تنتقل بها السلطة في العراق منذ تأسيس الجمهورية عام 1958، لكن حسين كامل كان يعلم استحالة صعوده إلى السلطة عبر الانقلاب على عمه صدام.

فقد كان كامل في نظر قادة الجيش العراقي وكبار ضباطه مجرد شرطي وضيع المكانة صعد به القَدَر إلى دوائر السلطة والنفوذ، ثم ورث كامل عداوة هؤلاء الضباط عندما كلفه عمه بالإشراف على قوات الحرس الجمهوري، فكان كامل يأمر وينهى داخل الجيش كما يشاء، ويصطفي من يريده من الضباط ليدخل قوات الحرس الجمهوري دون استئذان أو مراجعة قادتهم.

وكان الكثير منهم يعتقد أن كامل كان ضالعًا في مؤامرة اغتيال الفريق الركن عدنان خير الله طلفاح، وزير الدفاع وابن خال صدام عام 1989، بالإضافة إلى سطوته وهيمنته في عمليات السمسرة وعمولات صفقات السلاح حالما أصبح مسئولًا عن ملف المشتريات العسكرية.

كان الانقلاب من داخل العراق صعبًا إن لم يكن مستحيلًا، فأخذ كامل يفكر كثيرًا حتى تذكر أعداء صدام الكثر خارج العراق، هؤلاء المشايخ القابعين على أنهار النفط في الخليج يمكنهم تمويل الحملة التي قد تطيح بعدوهم الأول صدام حسين، وأولئك الذين يقودون العالم في واشنطن يرغبون في تأديب حليفهم القديم في بغداد بعد أن تجاوز خطوطه الحمراء، وهؤلاء الغاضبون في البصرة والنجف وأربيل الذين نكل بهم صدام حسين بالتأكيد يسعى قادتهم وزعماؤهم للإطاحة بصدام وولده عدي.

الرجل الذي فشل في استكمال تعليمه لضعف ذكائه وقدراته اعتقد أن حلمه بات قريبًا، كل ما عليه أن يبتعد عن بغداد والعراق كلها ويعلن انشقاقه عن عمه، ثم يجري اتصالاته بهؤلاء الأعداء والذين سيهرعون إليه بالتأكيد للتحالف معه والإطاحة بصدام ثم ينصب هو زعيمًا وقائدًا للعراق!

في ليلة التاسع من أغسطس عام 1995، انطلق موكب حسين كامل ومعه زوجته رغد وأخوه صدام زوجته رنا وأخته إلهام وزوجها عز الدين المجيد وقد أخبرهم بأنهم ذاهبون إلى العاصمة الأردنية عمان في رحلة للاستجمام، وفى اليوم التالي اجتمع حسين كامل وشقيقه بالملك حسين وعرضا عليه مشروعهما للانشقاق على نظام صدام حسين وطلبهما اللجوء السياسي في عمان وكان كامل يعلم جيدًا قوة العلاقة بين صدام والملك حسين، فقام بإقناعه بأن صدام يجهز لغزو الكويت مرة أخرى ليوافق الملك على بقاء كامل وأسرته في الأردن ويمنحهما اللجوء السياسي من أجل بدء مشروع التغيير.

أجرى الملك حسين اتصالاته بالرئيس الأمريكي كلينتون وأبلغه بما حدث، وبعدها أوفد الملك فهد رئيس المخابرات الأمير تركي الفيصل ليؤكد للملك استعداد السعودية إمداد الأردن بالنفط بدلًا من العراق مقابل دعم الأردن حسين كامل وعدم تسليمه للعراق.

نفذ الملك حسين وعده للملك السعودي ورفض تسليم حسين وصدام كامل عندما بعث صدام حسين ابنه عدي وابن عمه علي حسن المجيد إلى عمان يطلبان تسليم المنشقين، شن النظام هجومًا شنيعًا على حسين كامل ووصفه بالخائن والسارق، وأعلنت عشيرة آل المجيد تبرؤها من كامل وأخيه وإهدار دمهما، وشبه صدام حسين الموقف بما حدث مع السيد المسيح عليه السلام عندما خانه يهوذا.

احتدمت الأحداث حينما رد حسين كامل على هجوم النظام بعقده مؤتمر صحفي كبير في عمان أعلن فيه انشقاقه عن النظام العراقي وطلب من قوات الحرس الجمهوري والمعارضة العراقية التعاون معه لتحقيق ذلك الهدف ومن القوي الإقليمية والعالمية الدعم العسكري والمالي للقيام بذلك.

في اليوم التالي، جلس حسين كامل مع المسؤولين الأمريكيين الذين أوفدهم الرئيس كلينتون للسؤال عن تفاصيل الخطة المحكمة التي وضعها كامل للإطاحة بعمه ونوع المساعدة التي ستقدمها أمريكا له، لكن كامل فاجأهم بسذاجة الخطة التي أعدها والتي تقتضي إنشاء جبهة موسعة لإنقاذ العراق برئاسته بالتعاون مع قادة المعارضة الذين لم ينسق معهم بعد، ثم تشرع هذه الجبهة في عمل عسكري على الحدود العراقية الأردنية لاحتلالها وهو الأمر الذي سيرد عليه صدام حسين بإرساله قوات الحرس الجمهوري وفدائيو صدام لردعهم، وحينها يقوم حسين كامل القائد السابق لهذه القوات باستمالتهم والعودة بهم إلى بغداد للإطاحة بالرئيس.

في هذه اللحظة، تأكدت الولايات المتحدة من مصير حسين كامل المحتوم، لكن كان عليها أن تستفيد من خدماته قبل أن يتوجه الرجل لملاقاة عمه، فرتبت له الولايات المتحدة لقاءً مع رالف اكيوس مدير لجنة «انسكوم» التابعة للأمم المتحدة والمختصة بالتفتيش عن أسلحة الدمار العراقي، ليواصل حسين كامل سذاجته وغباءه ويكشف لايكيوس كل ما في جعبته من وثائق وخرائط برنامج صناعة الأسلحة الكيمائية والبيولوجية العراقي.

كان كامل يرى أن الأمور تسير على ما يرام وأن خطته لم يتبق منها سوى إقناع قادة المعارضة بتشكيل الجبهة التي ستنقذ العراق وتطيح بصدام، لكن الرياح ستجري بما لا تشتهي السفن بعد ذلك.

حسين كامل وحيدًا في عمان
انتهى صيف عام 1995 ولم يعد حسين كامل إلى العراق ليكون رئيسًا لها كما كان يحلم ويتخيل في أيامه الأولى في عمان، وبات الرجل وحيدًا معزولًا في قصره في عمان بعد أن رفض معارضو نظام البعث التعاون والتحالف معه، ولم تجد رسائله واتصالاته معهم نفعًا، فكيف لهم أن يمدوا أيديهم بالمساعدة لمن كان يبطش بهم، ويستحلّ أموالهم ودماءهم قبل أشهرٍ قليلة؟

أليس حسين كامل هو ذلك الرجل الذي تغنى نظام البعث ببطولاته في قمع انتفاضة مارس/ آذار 1991 وشجاعته في قصف ضريح الإمام الحسين بن علي بالمدفعية، يبدو أن كامل قد نسي ذلك وهو يعد خططه، أما رالف ايكيوس وهؤلاء المبعوثون من واشنطن وباريس ولندن فقد أغلقوا أبوابهم في وجه الرجل الذي قد أعطى لهم بالفعل كل ما يريدونه من معلومات ووثائق أدت إلى اكتشاف ما خبىه صدام حسين من أسلحة الدمار الشامل .

كان الشتاء قاسيًا في عمان، وقد صار مصيره السياسي الغامض كابوسًا يطارده مع تلك الرسائل التي تصله من بغداد كل ليلة تطالبه بالعودة إلى عمه الذي سيصفح عنه إن قبل طلبه بالعودة، فقرر كامل أن يستدعي ذلك المنجم الذي قرأ له طالعه قبل 20 سنة عندما كان عريفًا في الحرس الخاص بعمه النائب صدام حسين، وأخبره أن نجمه سيعلو في بغداد كلها، فجاء حميد الأزري من باريس ليقرأ لحسين كامل طالعه الجديد، أخبر الأزري حسين كامل أن ما زال يرى نجمه عاليًا في بغداد وأنه سيكون رئيسًا للجمهورية لكن بشرط عودته إلى بغداد.

بعد لقائه بالأزري، أتت الرسالة التى انتظرها حسين كامل طويلًا، لقد جاء السفير العراقي في الأردن إلى منزل كامل ومعه وثيقة مكتوبة بخط يد عمه صدام، يخبره فيها بعفوه عنه ويعده بالأمن والسلام بعد عودته لبغداد، ليقرر كامل حزم حقائبه والعودة إلى بغداد التي أتى منها قبل ستة أشهر، لكن بعد أن ذهبت أحلامه في السلطة أدراج الرياح.

الرحلة الأخيرة إلى بغداد 
في ليلة العشرين من فبراير/ شباط عام 1996، عاد الموكب الذي مر قبل ستة أشهر إلى الحدود العراقية الأردنية، لكن هذه المرة كان عدي صدام حسين وأمه ساجدة طلفاح في طليعة المستقبلين للموكب، وقد وصلوا للتو إلى النقطة الحدودية على متن طائرة هليكوبتر ومعهما فرقة من فدائيي صدام والحرس الرئاسي، أمر عدي أختيه بالانفصال عن الموكب والصعود معه إلى الطائرة التي ستنقلهما إلى أحد القصور الرئاسية، بينما استكمل الموكب طريقه إلى بغداد في حراسة قوات عدي حاملًا حسين كامل وإخوته صدام وحكيم كامل إلى مصيرهم المحتوم.

صباح اليوم التالي، استدعى الرئيس حسين كامل وأخاه إلى القصر الرئاسي، وتحت الضغط والتهديد أجبرهما على تطليق ابنتيه، وفي اجتماع عشيرة آل المجيد ليلًا، قال صدام حسين لعائلته إنه قد عفا عن حسين كامل فيما يخص حقه وحق أولاده، ولكن إن أرات العشيرة الثأر لحقها لها ذلك وهو لا يمانع بشرط عدم مشاركة ولديه في عملية الثأر 

بعد الظهر اجتمع صدام حسين في تكريت بعائلة المجيد بحضور عدي وقصي وقال صدام بالحرف الواحد (إن عائلة المجيد ارتكبت عارا وإذا أنتم رجال فعليكم غسل العار) يقصد حسين كامل وإخوانه وغادر صدام الاجتماع غاضبا وبقي عدي وقصي مع المجتمعين واتفقوا على قتل حسين كامل وإخوانه وغسل العار ووضعوا خطة لتنفيذ ذلك وكما يلي:

أن تذهب مجموعة من الشباب غدا فجراً قبل طلوع الشمس إلى الدار التي يتواجد فيها حسين وإخوانه في السيدية ويقتلون بإشراف علي حسن المجيد وعدي صدام حسين وقصي صدام حسين. أبلغ عدي وقصي والدهم صدام حسين بالموقف وأبلغهم صدام حسين: يجب أن يكون حسين كامل وإخوانه مقتولين قبل طلوع الشمس.
المفاجأة كان من بين الحاضرين في الاجتماع أشخاص لهم علاقة طيبة وحميمة مع حسين كامل فجلب هؤلاء الأشخاص مجموعة من الأسلحة والعتاد إلى دار حسين كامل وأخبروه بخطة قتلهِ وكان الوقت ليلاً ودون علم الآخرين.
في الساعة الرابعة صباحا وصل إلى منطقة السيدية ببغداد قرب الدار التي يسكنها حسين كامل كل من: علي حسن المجيد عضو مجلس قيادة الثورة وروكان رزوقي المرافق الأقدم لصدام حسين وعدي وقصي صدام حسين وحجي زهير التكريتي وسهيل الدوري مديري مكتب وأمن جهاز الأمن الخاص.
ضمت مجموعة التنفيذ كلاً من ثائر التكريتي وأحمد أرزوقي شقيق روكان مرافق صدام والمقدم برزان أرزوقي شقيق روكان وجمال التكريتي خطيب حلا بنت صدام حسين الثالثة والنقيب إياد التكريتي وآخرين ومجموعة من رجال المخابرات وجهاز الأمن الخاص للإشراف والمراقبة وتطويق المنطقة من أي طارئ ومنع هروب حسين كامل وكان الجميع واثقين أن العملية لا تستغرق أكثر من خمس دقائق حيث يتم طرق جرس الدار وتدخل مجموعة التنيفذ وتنفذ العملية ويغادروا المكان وينتهي الأمر لكن حصل ما لم يتوقع حيث استمرت العملية حوالي 14 ساعة.
كان في الدار التي يقيم فيها حسين كامل كل من والده كامل حسن المجيد وأشقائه صدام وحكيم وشقيقته صاحبة الدار وابنتها وشقيقته وأطفالها ووالدتهِ والذي قُتلوا جميعا نساء وأطفال.
تقدمت مجوعة التنفيذ وطرقت جرس الدار وكانت بانتظار فتح الباب ولكن الذي حصل انفتحت عليهم نيران الرشاشات من حسين كامل وإخوانه وسقط على الفور ثائر التكريتي أول القتلى وجرح آخر، فردت مجموعة التنفيذ بصولة على الدار إلّا أنهم واجهوا مقاومة شديدة من حسين كامل وإخوانه المتحصنين داخل الدار ثم صولة أخرى وجوبهت بمقاومة كثيفة من حسين وإخوانه أدّت إلى قتل أحد الأطفال المارين في الشارع وجرح آخر حيث هلع أهالي الدور المجاورة على صوت البنادق تاركين دورهم واستمر الوضع هكذا حتى الساعة الثامنة صباحاً.
على إثر المقاومة الشديدة من قبل حسين كامل استدعى علي حسن المجيد وروكان أرزوقي رعيل حرس جمهوري من سيارتين محملتين بقذائف نوع آر بي جي 7 ثم بدأ إطلاق القذائف على الدار وحتى القذيفة العاشرة شبت النيران في كل مكان من الدار رغم وجود نساء وأطفال في الدار.
في الساعة التاسعة صباحا سكتت أصوات البنادق من الدار فاعتقد مقتل جميع من في الدار عندها تم استدعاء سيارات إطفاء لإطفاء النار وإخراج الجثث.
في الساعة 9:30 صباحا دخل رجال الإطفاء إلى الدار فكانت بندقية حسين كامل بالمرصاد حيث قتل أحد رجال الإطفاء وكان القتيل الثالث، أمر علي حسن المجيد بإطلاق قذائق آر بي جي 7 أخرى على الدار حتى وصلت إلى عدد 51 قذيفة والنيران تلتهم الدار ومن فيها.
في الساعة 1330 لاحظ رجال المخابرات الذين يرصدون الدار انتقال حسين كامل إلى الدار المجاورة بعد أن قفز السياج بين الدارين ويحمل معه سلاحه والعتاد واستقر في الدار الثانية التابعة إلى أحد المواطنين أما عائلة حسين كامل فقد قُتلوا جميعا.
بدأ إطلاق القذائف على الدار الثانية من الساعة 1330 إلى الساعة 1530 حيث شبّت النيران فيها وفي نفس الوقت بدأت المحاولات للدخول إلى الدار الأولى لإخلاء الجثث المحترقة لكن صعوبة النيران حالت دون ذلك حتى الساعة 1700 تم إخلاء جثث النساء والأطفال ووالد حسين وإخوانه محروقين تماما.
من الساعة 1530 حتى الساعة 1730 لم يطلق حسين كامل أي إطلاقة واعتقد الجميع أنه قُتل عندها قرر أربعة دخول الدار لغرض الإجهاز على حسين كامل في حالة أنه ما يزال حيا أو إخلاء جثته إن كان قد قُتل والأربعة هم أحمد شقيق روكان أرزوقي مرافق صدام حسين والنقيب إياد التكريتي وجمال مصطفى خطيب حلا صدام حسين والمقدم برزان شقيق روكان ودخل الأربعة الدار مع بنادقهم وإذا بحسين كامل لهم بالمرصاد وتمكّن من قتل أحمد وجرح جمال وهروب برزان وإياد بصعوبة من الدار واستمر إطلاق القذائف على الدار حتى شبّت النيران في كل جانب ومكان.
في الساعة 1810 ولشدة النيران والدخان والغازات والحرارة الشديدة في الدار خرج حسين كامل من الدار يترنّح من الغازات فكان النقيب إياد التكريتي في باب الدار وأطلق على حسين كامل ثلاثين إطلاقة فوقع قتيلا.

سحبت جثة حسين كامل إلى نهاية الشارع حيث يقف هناك علي حسن المجيد وروكان ارزوقي وجمهور كبير من المارة عندها نظر علي حسن المجيد إلى الجثة فخاطب المارة هذا مصير كل خائن ثم بكى وغادروا المكان جميعا وأُخذت الجثة بسيارة خاصة 

كانت محصلةالمعركة مقتل حسين كامل وصدام كامل وحكيم كامل ووالدهم واثنان شقيقاتهم و 6 اطفال ونجت والدة حسين كامل التي قتلت بحادث غامض بعد عام طعنا بالسكاكين أما خسائر الطرف الاخر اثنين من المهاجمين ورجل إطفاء تم تشيعهم في اليوم التالي كشهداء ما اطلق عليه صولة عشيرة ال المجيد الجهاديه

#منقول

هناك تعليق واحد:

  1. عفواً سيدي الفاضل ... كلامك جميل جداً ومتعوب عليه .. جزاك الله خير الجزاء ....
    ولكني لي رأي أخر في مسألة حسين كامل ..
    إذا كنت تصدق أم لا... وهكذا جميع تفاصيل التاريخ العراقي منذ القدم ولحد هذه الساعة يجب أن تقرؤه بتمعّن وتستنتج ما بين السطور ...
    وأنا لاأُُفسّر كيفما إتفق ... ولا أستنتج ولاأن أوافق ما تنشره الجرائد والاذاعات وكتب التاريخ وغيرها ...
    أسمع رأيي واحتفظ به للمستقبل ...
    أولاً صدام لايزال حياً ضمن برنامج حماية الشخصيات ولك ليس من المسموح له أن يظهر لان رسالته ومهمته إنتهت وسيكملها هؤلاء الدمى الموسادية الماسونية الذين يحكمون العراق الان...
    كانت المهمة التي وكل بها حسين كامل صعبة وخطرة للغاية ومن صدان شخصياً ... وقد حذره صدام بأنه أذا فشل فسيواجه الموت .. وقبل حسين بذلك ..
    كانت الخطة محبوكة جيداً وهي ان يُعلن حسين كامل تمردّه على ولي نعمته ويدخل ضمن جماعة أئتلاف المعارضة العراقية ويكون من أهم رموزها وأركانها ومن ثم يسلمهم على طبق من فضة لولي نعمته .ز
    ولكن فطنة الامير حسن والرفض القاطع الذي أبداه أحمد الجلبي جعل وضعه حرجاً وغير مقبول بالمرة ...
    فكان عليه أن يعود فإتصل بمن يضن بإنه أكثر عقلانية من غيره وهو قصي صدام ليضمن له قبول ولي النعم على فشل المهمة وقد أجابه قصي بحصول ذلك .. وبعدها البقية تعرفها ..
    أشكرك من كل قلبي على هذا الكنز من المعلومات التي تتحفنا بها .. أسئل الله أن يحفظك ويسدد خطاك ..أمين

    ردحذف