🔹الغربة والوطن🔹
🔹عشتُ طول عمري في الغربة وأنا أذرف الدموع شوقاً لأهلي،ثم إذا زرتُ أهلي، فوجدت نفسي غريبا بينهم قد فاتتني أخبارهم وتحولاتهم العمرية والنفسية وحالاتهم المعيشية وصرتُ ضيفا عندهم، ولكني ما البث مدة في الوطن حتى أشتاق لوطن المهجر مرة اخرى.
🔹قد تطول بنا الحياة ولكن عند التأمل فيها نكتشف ان كل مرحلة من مراحل حياتنا هي غربة.
وقد نعيش أياماً نكون فيها غرباء حتى في بيتنا ووسط أهلنا!!
🔹حينما نتأمل في الحياةونعتقد بقيم نتبناها فسوف ننكر الكثير من الأمور على المكان الذي نعتبره وطننا الاصلي ونتمنى وطناً غيره، ثم اذا استقر الامر في السفر والرحيل الى المهجر، فسننكر كثير او أغلب انماط الحياة في الوطن الآخر ونشتاق للعودة إلى الوطن القديم.
ثم نكتشف بين هذا وذاك ان لا موطن حقيقي لنا في الدنيا،إنما هي محطات، نهايات وبدايات،
والمحطة الأخيرة هي الوطن الحقيقي او المقر الأخير الذي ننهي به سفرنا الدنيوي وهو الخلود في الجنّة او النار، كما قال سبحانه[والعصر.. ان الانسان لفي خسر.. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات.. وتواصوا بالحق وتواصو بالصبر{اي وصى بعظهم بعضا}.
🔹بيتنا الحالي سينتقل لغيرنا،
وأملاكنا سيرثها ويوزعها ويبيعها ورثتنا، أولادنا سيتزوجون ثم يغادرون منزلهم السابق، أزواجنا قد يُخلصون لنا أو يتزوجون غيرنا، والدينا سيرحلان، اخوتنا
سوف يتشتتون بحثاً عن أرزاقهم وشؤنهم الخاصة، أقاربنا ومعارفنا ومن حولنا يذهبون في طرق شتى، وما نمتلكه حقا اليوم هو ملكية مؤقتة ستذهب الى غيرنا عندما نفقد أهليتنا في الحياة وتغلق ابوابها وكأنها لم تكن.
🔹الموت هو النهاية الحقيقية للغربة وهو البداية الحقيقية للعودة الى حضن الوطن الذي وعدنا به الله تعالى.
🔹عندما نعيش بين تلاطم أمواج الغربة طوال الحياة، فإن الشيء الوحيد الذي يجب أن نفكر فيه، هو ما الذي سنتركه في غربة الدنيا لنمتلكه غدا بعد موتنا.
🔹بيتنا الحقيقي في الجنة ولكن بانتظار ان ندفع ثمنه هنا،
فاوصلوا حبلكم بالله تعالى، وادفعوا ما استطعتم من بضاعة الدنيا ثمناً للاخرة، ولنتذكر ان الرسول صلى الله عليه وآله كان قبره في المدينة وليس في مكة،
وان أغلب أئمتنا قبورهم في الغربة بعيدة عن المدينة، وحتى الصحابة المنتجبين من المهاجرين والأنصار قبورهم حول العالم خارج أوطانهم الحقيقية.
🔹الوطن ليس ما نولد فيه أو نحمل جنسيته، ولا ما نعيش طفولتنا فيه أو نشب عليه،
ولا ما نتزوج او ننجب او نبحث عن رزقنا فيه،
🔹الوطن هو المكان الذي نبيع ونشتري فيه من أعمال الدنيا ثمناً لشراء أوطاننا الحقيقية في دار الخلود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق